وذلك إن كون أبي بكر من مصاديق المصلى عليهم بالصلاة النورانية أي الإخراج من الظلمات إلى النور يستوجب وقوعه في المقتضي لها. كما وهي لا تخصه فقط بل عامة لجميع المؤمنين وهو صريح الآية كما لا يخفى.
بخلاف الصلاة المحمدية التي هي نور على نور وعصمة على عصمة أي استمرار الفيض في كمالهم وعصمتهم، وإيصال الرحمة عن ساحتهم، وقد أجاد صاحب الصوارم المهرقة في نقضه على ابن حجر:
أقول: ظاهر الآية عموم صلواته تعالى ورحمته لسائر عباده، وأن غاية ذلك في الكل إخراجهم من الظلمة إلى النور، لكن الكلام في أن هذه الغاية والمصلحة والغرض هل حصلت في شأن أبي بكر من الفاتحة إلى الخاتمة أو لا، مع أن الخصم من وراء المنع على أصل الإخراج [1]. فإن ابن حجر على ظاهر كلامه يوجب أن الرجل بعد في الظلمات وبعد لم يخرج منها وشرح هذا المعنى نوكله إلى القارئ الكريم.
إذن معنى أنه أشركهم أي بما يناسب مقامهم من معنى الصلاة، وهي التي تخرجهم من الظلمات إلى النور (والتي اصطلحنا عليها بالصلاة النورانية) أي من ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة. وقال الطبرسي: من الجهل بالله تعالى إلى معرفته عز وجل فإن الجهل أشبه شئ بالظلمة والمعرفة أشبه شئ بالنور، وقال ابن زيد: أي من الضلالة إلى الهدى، وقال مقاتل: من الكفر إلى الإيمان، وقيل: من النار إلى الجنة حكاه الماوردي، أو الصلاة بمعنى التطهير والتزكية..
ومن المؤكد ليس المقصود بمشاركتهم ما يختص بمقام النبوة والولاية كتعظيم ( الصلوات المحمدية)، وكرامتها، ودرجاتها، وآثارها، وثوابها، وخواصها.. وغيرها من المعاني التي ذكرناها في هذا الكتاب الشريف، فإن المفروض أن الله اختص النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام بذلك دون غيره.