ثم إن المؤمن - انطلاقا من وجوب استمرار العلة لبقاء الخير الفيض - بحاجة دائما في جميع حالاته وأموره وأعماله وفي كل حالاته إلى المدد الإلهي والإعانة الغيبية والهداية المستمرة آنا فآنا، أي أنه يحتاج في كل لحظات حياته وفي كل نفس من أنفاسه إلى الرعاية الإلهية وبصورة متجددة ودائمة. لئلا يتخلف عن سبيل الحق والانزلاق عن الصراط المستقيم، وانقطاع السير إلى نحو الكمال، وليكون دائما متعلقا بيد اللطف الرباني والعلة المبقية له على تلك العصمة وهذه هو المسمى عند أهل الله: ب [التوفيق].
وإذا أردنا أن نصور ذلك بدقة على نحو مثال فإنه يقال في صحة الإنسان: يجب أن لا يكتفي بعافيته وسلامته بل ينبغي له أن يحاول استدامة تلك العافية والسلامة في مزاجه بأن يوفر الرعاية الدائمة والحفاظ على مقوماتها كنقاوة البيئة واستنشاق الهواء النقي والرقابة الطبية في التغذية والوقاية البدنية في النظافة والنظرة الصحية في كل ما يناول والاجتناب عن مظنة الجراثيم والمكروبات وغيرها من الأسباب التي تقتضيها السلامة في الإنسان في كل آن وفي جميع لحظاته بحيث لو فرط في تلك الرقابة والوقاية أو غفل عنها ستكون النتيجة المرض الخطير وقد يؤدي به إلى فقدان حياته وخسران سلامته.
وعلى هذا النحو تكون سلامة الروح والنفس والعقل.. في ديننا وإيماننا فإنه من السهل جدان يصبح الإنسان مؤمنا ولكن من الصعب بألف مرة أن يداوم على سلامة إيمانه واستقامته في أوامر الله سبحانه ولا يمسي كافرا أو يبيت كذلك فيمسي مؤمنا، قال تعالى: {واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم} [الشورى: 15]، وعليه فيحتاج المؤمن دائما إلى أن يستمطر لطفه عز وجل به وتوفيقه في ثبوته على روح الإيمان، وأن يكون بالاستمرار في معرض طلب الاستقامة الربانية والهداية الإلهية ولم يوجد لذلك أعظم من الصلاة المحمدية والاستعانة بواسطة الفيض والتوفيق.
وعدم ذلك يعني انزلاق الإنسان عن سيل الحق وتسلط الجراثيم المعنوية والأرواح الشريرة عليه بحيث تفقده حلاوة الإيمان وطعم الطاعة وروح العمل الصالح وبالنتيجة