وقال أبو تمام:
وتند عندهم العلى الاعلى * جعلت لها مرر القصيد قيودا فقال البحتري:
والمجد قد يأبق عن أهله * لولا عرى الشعر الذي قيده وقال أبو تمام:
شك حشاها بخطبة عنن * كأنها منه طعنة خلس فقال البحتري:
فرحت جوانبها بخطبة فيصل * مثل لها في الروع طعنة فيصل وقال أبو تمام:
جم التواضع والدنيا بسؤدده * تكاد تهتز من أقطارها صلفا فقال البحتري:
ابدى التواضع لما نالها رعة * عنها فنالته فاختالت به تيها وقال أبو تمام:
إذا أطلقوه من جوامع عقله * تيقن ان المن أيضا جوامع فقال البحتري.
وفي عفوه لو يعلمون عقوبة * تقعقع في الاعراض ان لم يعاتب وقال أبو تمام:
قصر ببذلك عمر وعدك تحولي * شكرا يعمر عمر سبعة انسر فقال البحتري:
وجعلت نيلك تلو وعدك قاصرا * عمر العدو به وعمر الموعد وقال أبو تمام.
دعا شوقه يا ناصر الشوق دعوة * فلباه طل الدمع يجري ووابله فقال البحتري:
نصرت له الشوق اللجوج بعبرة * تواصل في اعقاب وصل تصرما وقال أبو تمام:
من ليلة في وبلها ليلاء * فلو عصرت الصخر صار ماء فقال البحتري:
أشرقن حتى كاد يقتبس الدجى * ورطبن حتى كاد يجري الجندل وقال أبو تمام:
بر بدأت به ودار بابها * للخلق مفتوح ووجه مقفل فقال البحتري:
اليم بابك معقود على خلق * وراءه مثل مد النيل محلول فهذا ما نقله الآمدي عن أبي الضياء من مآخذ البحتري من أبي تمام وصححه وقال أبو تمام:
زعمت هواك عفا الغداة كما عفت * منها طلال باللوى ورسوم قال الآمدي اخذه البحتري فقال:
ما ظننت الأهواء قبلك تمحى * من صدور العشاق محو الديار (ما ذكره الآمدي من مآخذ البحتري من أبي تمام نقلا عن أبي الضياء ولم يصححه).
قال الآمدي في الموازنة ان أبا الضياء لم يقنع بالمسروق الذي يشهد التأمل الصحيح بصحته حتى تعدى ذلك إلى التكثير وإلى أن ادخل في الباب ما ليس منه بعد ان قدم مقدمة أوصى فيها ان لا يعجل الناظر في كتابه فيقول ما هذا مأخوذ من هذا حتى يتأمل المعنى دون اللفظ وانما السرق في الشعر ما نقل معناه دون لفظه ومن الناس من لا يعد سرقة إلا مثل بيت امرئ القيس وطرفة إذ لم يختلفا إلا في القافية فقال امرؤ القيس.
وقوفا بها صحبي علي مطيهم * يقولون لا تهلك أسى وتحمل وقال طرفة:
وقوفا بها صحبي علي مطيهم * يقولون لا تهلك أسى وتجلد ومنهم من يحتاجون إلى دليل من اللفظ مع المعنى وآخرون يكون الغامض عندهم بمنزلة الظاهر وهم قليل قال الآمدي فجعل هذه المقدمة توطئة لما اعتمده من الإطالة والحسد وان يقبل منه كل ما يورده ولم يستعمل مما وصى به من التأمل شيئا ولو فعل لعلم ان السرق انما هو في البديع المخترع لا في المعاني المشتركة بين الناس غير أنه استكثر من هذا الباب وخلط به ما ليس من السرق في شئ ولا بين المعنيين تناسب ولا تقارب واتى بضرب آخر المعاني فيه مختلفة وليس فيه الا اتفاق ألفاظ ليس مثلها ما يحتاج واحد ان يأخذه من آخر إذ كانت الألفاظ مباحة فبلغ غرضه في توفير الورق وتعظيم حجم الكتاب (إلى أن قال) فمما ذكر ان البحتري اخذه من أبي تمام قول أبي تمام:
جرى الجود مجرى النوم منه فلم يكن * بغير سماح أو طعان بحالم فقال البحتري:
ويبيت يحلم بالمكارم والعلى * حتى يكون المجد جل منامه وقال أبو تمام:
إذا القصائد كانت من مدائحهم * يوما فأنت لعمري من مدائحها فقال البحتري:
ومن يكن فاخرا بالشعر يذكر في * اضعافه فبك الاشعار تفتخر وقال أبو تمام:
ثم انقضت تلك السنون وأهلها * فكأنها وكأنهم أحلام فقال البحتري:
وأيامنا فيك اللواتي تصرمت * مع الوصل أضغاث وأحلام نائم وقال أبو تمام:
أظلت روعك حتى صرت لي غرضا * قد يقدم العير من ذعر على الأسد فقال البحتري:
فجاء مجئ العير قادته حيرة * إلى اهرت الشدقين تدمى أظافره وقال أبو تمام:
هيهات لم يعلم بأنك لو ثوى * بالصين لم تبعد عليك الصين فقال البحتري:
يضحي مطلا على الأعداء لو وقعوا * في الصين من بعدها ما استبعد الصينا وقال أبو تمام:
كأن بني نبهان يوم وفاته * نجوم سماء خر من بينها البدر