شريتك من دهري بذي الناس كلهم * فلا انا مبخوس ولا الدهر باخس وملكتك النفس النفيسة طائعا * وتبذل للمولى النفيس النفائس تشوقني الأهل الكرام وأوحشت * مواكب بعدي عندهم ومجالس وربتما ساد الأماجد ماجد * وربتما زان الفوارس فارس رفعت عن الحساد نفسي وهل هم * لمن حسدوا لو شئت الا فرائس أيدرك ما أدركت الا ابن همة * يمارس في كسب العلى ما يمارس يضيق مكاني عن سواي لأنني * على قمة المجد المؤثل جالس سبقت وقومي بالمكارم والعلا * وان رغمت من آخرين المعاطس وكتب اليه سيف الدولة كتابا فيه كلام خشن وهو في الأسر لما بلغه ان بعض الاسرى قال إن ثقل هذا المال على الأمير كاتبنا فيه صاحب خراسان وغيره من الملوك وذلك حين قرروا مع ملك الروم اطلاق اسرى المسلمين بمال يحملونه فاتهم سيف الدولة أبا فراس بهذا القول لضمانه المال فكتب اليه: ومن يعرفك بخراسان فكتب اليه أبو فراس:
أسيف الهدى وقريع العرب * الام الجفاء وفيما الغضب وما بال كتبك قد أصبحت * تنكبني مع هذي النكب وأنت الحليم وأنت الكريم * وأنت العطوف وأنت الحدب وما زلت تسعفني بالجميل * وتنزلني بالجناب الخصب وتدفع عن عاتقي الخطوب * وتكشف عن ناظري الكرب وانك للجبل المشمخر * لي بل لقومك بل للعرب علا يستفاد وعاف يفاد * وعز يشاد ونعمى ترب وما غض مني هذا الأسئار * ولكن خلصت خلوص الذهب ففيم يقرعني بالخمول * مولى به نلت أعلى الرتب وكان عتيدا لدي الجواب * ولكن لهيبته لم أجب أتنكر اني شكوت الزمان * وأني عتبتك فيمن عتب فلا تنسبن إلي الخمول * عليك أقمت فلم اغترب فالا رجعت فاعتبتني * وصيرت لي ولقولي الغلب وأصبحت منك فإن كان فضل * وان كان نقص فأنت السبب فما شككتني فيك الخطوب * ولا غيرتني عليك النوب وأشكر ما كنت في ضجرتي * واحلم ما كنت عند الغضب وان خراسان ان أنكرت * علاي فقد عرفتها حلب ومن أين ينكرني الأبعدون * امن نقص جد امن نقص أب ألست وإياك من أسرة * وبيني وبينك فوق النسب وداد تناسب فيه الكرام * وتربية ومحل اشب (1) ونفس تكبر الا عليك * وترغب الاك عمن رعب فلا تعدلن فداك ابن عمك * لا بل غلامك عما يجب وانصف فتاك فانصافه * من الفضل والشرف المكتسب لكنت الحبيب وكنت القريب * ليالي أدعوك من عن كثب فلما بعدت بدت جفوة * ولاح من الامر ما لا أحب فلو لم أكن فيك ذا خبرة * لقلت صديقك من لم يغب وكتب إلى سيف الدولة من الأسر يعاتبه:
زماني كله غضب وعتب * وأنت علي والأيام الب وعيش العالمين لديك سهل * وعيشي وحده بفناك صعب وأنت وأنت دافع كل خطب * مع الخطب الملم علي خطب إلى كم ذا العتاب وليس جرم * وكم ذا الاعتذار وليس ذنب فلا بالشام لذ بفي شرب * ولا في الأسر رق علي قلب فلا تحمل على قلب جريح * به لحوادث الأيام ندب (2) أمثلي تقبل الأقوال فيه * ومثلك يستمر عليه كذب جناني ما علمت ولي لسان * - يقد الدرع والإنسان - عضب وزندي وهو زندك ليس يكبو * وناري وهي نارك ليس تخبو وفرعي فرعك السامي المعلا * واصلي أصلك الزاكي وحسب لإسماعيل بي وبينه فخر * وفي إسحاق بي وبينه عجب (3) وأعمامي ربيعة وهي صيد * واخوالي بلصفر (4) وهي غلب فدت نفسي الأمير أكان حظي * وقربي عنده ما دام قرب فلما حالت الأعداء دوني * وأصبح بيننا بحر ودرب ظللت تبدل الأقوال بعدي * وتبلغني اغتيابا ما يغب فقل ما شئت في فلي لسان * ملئ بالثناء عليك رطب وقابلني بانصاف وظلم * تجدني في الجميع كما تحب وكتب إلى سيف الدولة من الأسر وقد مضى عليه سنتان وهو مأسور من قصيدة:
أبي غرب هذا الدمع الا تسرعا * ومكنون هذا الحب الا تضوعا فحزني حزن الهائمين مبرحا * وسري سر العاشقين مضيعا وهبت شبابي والشباب مضنة * لأبلج من أبناء عمي أروعا أبيت معنى من مخافة عتبه * وأصبح محزونا وأمسي مروعا فلما مضى عصر الشبيبة كله * وفارقني شرخ الشباب فودعا تطلبت بين الهجر والعب فرجة * فحاولت امرا لا يرام ممنعا وصرت إذا ما رمت في الحي لذة * تتبعتها بين الهموم تتبعا وها انا قد حلى الزمان مفارقي * وتوجني بالشيب تاجا مرصعا فلو ان أسري بين عيش نعمته * حملت لذاك الشهد ذا السم منقعا ولكن أصاب الجرح جسما مجرحا * وصادف هذا الصدع قلبا مصدعا فلو انني ملكت مما أريده * من العيش يوما لم أجد في موضعا أما ليلة تمضي ولا بعض ليلة * أسر بها هذا الفؤاد المفجعا أما صاحب فرد يدوم وفاؤه * فيصفي لمن أصفى ويرعى لمن رعى أفي كل دار لي صديق اوده * إذا ما تفرقنا حفظت وضيعا أقمت بأرض الروم عامين لا أرى * من الناس محزونا ولا متصنعا إذا خفت من أخوالي الروم خطة * تخوفت من أعمامي العرب أربعا وان أوجعتني من أعادي شيمة * لقيت من الأحباب أدهى وأوجعا ولو قد أملت الله لا رب غيره * رجعت إلى أعلا وأملت أوسعا لقد قنعوا بعدي من القطر بالندى * ومن لم يجد الا القنوع تقنعا وما مر انسان فاخلف مثله * ولكن يرجي الناس امرا مرقعا تنكر سيف الدين لما عتبته * وعرض بي تحت الكلام وقرعا