مقاتلتهم لسكان الضنية وظفرهم بهم فاحتفل بلقائهم الأمير جهجاه الحرفوشي حسب عادة العصر وكان الأمير صديقا لجرجس المذكور فبقي عنده أياما ثم عاد إلى دير القمر وفي هذه الأثناء نوى الأمير بشير الشهابي ان يأخذ الكرك من الحرافشة فتوسط الأمر جرجس باز اكراما لمودة جهجاه فعدل عن نيته.
وفي بعض التواريخ العاملية التي نشرت في مجلة العرفان ج 27 م 29 ص 678 انه في شهر ربيع الثاني سنة 1204 ه صارت وقعة بين والي الشام - إبراهيم باشا - وبين البعلبكيين - والمراد الأمير جهجاه - وكانت الغلبة فيها لعسكر الوالي واخذوا حريم الأمير إلى الشام وفي تاريخ الأمير حيدر انه بعد ان وصلت حريم بني الحرفوش إلى دمشق ارسل إبراهيم باشا متسلما إلى بعلبك اسمه إبراهيم آغا فعدل في حكمه وأحبته الرعايا. وفيه انه في سنة 1204 حضر إلى دير القمر الأمير قاسم ابن الأمير حيدر الحرفوشي ملتجئا إلى الأمير بشير الكبير فأرسل معه عسكرا ليرفع الأمير جهجاه ابن الأمير مصطفى عن حكم بلاد بعلبك ويولي الأمير قاسما مكانه وحين وصل العسكر بلاد بعلبك التقاهم الأمير جهجاه وكسرهم وسلب منهم كثيرا من الخيل والسلاح ولم يرد ان يقتل أحدا منهم وأسر الأمير مراد ابن الأمير شديد أبي اللمع ولما وصل امام الأمير جهجاه أطلقه مكرما ثم إن الأمير قاسما جمع عسكرا من بلاد الشوف وبلاد بعلبك وكبس ابن عمه الأمير جهجاه في مدينة بعلبك فخرج اليه برجاله والتقوا خارج المدينة فهجم الأمير قاسم على الأمير جهجاه إلى وسط العسكر وقبل وصوله اليه أصابته رصاصة فقتلته وعمره 17 سنة. وفي دواني القطوف انه في سنة 1807 م عزل إبراهيم باشا عن ولاية الشام وخلفه كنج يوسف باشا فبينما كان يتأهب لارسال الخلع إلى الأمير جهجاه المذكور بولاية بعلبك تغير وعدل عن قصده فجمع جهجاه رجاله والقى الفتن ليظهر لذلك الوزير انه لا يمكن لغيره ان يحفظ زمام الأحكام ويدبر شؤون تلك الجهة فأرسل اليه الخلع وكان ذلك بتوسط الأمير بشير الشهابي الكبير وجرجس باز (انتهى). وفي تاريخ الأمير حيدر انه سنة 1209 قتل الأمير جهجاه الحرفوشي ابن عمه الأمير داود وسمل أعين اخوته أولاد الأمير عمر. وفي سنة 1214 رجع الأمير بشير إلى بعلبك وقدم له الأمير جهجاه الحرفوشي الذخائر الوافرة.
وفي دواني القطوف انه في سنة 1810 م 1225 ه عزل گنج يوسف باشا عن ولاية الشام ووليها سليمان باشا والي عكا وذلك في أثناء ثورة الوهابيين فدخل سليمان باشا دمشق وأمامه الأمير بشير ومعهما طنوس شبلي المعلوف وهو الذي توسط امر إعادة الحكم إلى صديقه الأمير جهجاه الحرفوشي مرارا وكان سليمان باشا قد فوض إلى الأمير بشير اختياره العمال قبل زحفهم لحرب الوهابيين فاختار الأمير جهجاه الحرفوشي لبعلبك ولما كان الأمير جهجاه يعلم برغبة الأمير بشير في اخذ الكرك كتب له وثيقة ببيعها إلى أولاده الأمراء قاسم وخليل وأمين ومن ذلك الحين أصبحت ملك الشهابيين (انتهى). وفي تاريخ بعلبك: كان الأمير جهجاه بطلا شجاعا مقداما مذكورا. (أقول) وتخلصه من يد العسكر الذين قبضوا على أبيه وذهابه للعراق ثم رجوعه واخذه الامارة وكسره عسكر الدولة مرارا وبقاؤه في الامارة كل هذه المدة مع كثرة مناوئيه من أقربائه وغيرهم وانتصاره عليهم واستمالة الحكام اليه كما يأتي تفصيله: كله يدل على مزيد شجاعة واقدام وحزم وتدبير حتى أن الجزار الطاغية لم يقدر عليه وكذلك الأمير بشير. وفي تاريخ بعلبك أيضا انه تولى ايالة دمشق درويش باشا بن عثمان باشا الصادق الكرجي بعد سنة من حكم الأمير مصطفى والد جهجاه بلاد بعلبك فأرسل عسكرا لكبس الأمير مصطفى في بعلبك فقبضوا عليه وعلى أحد اخوته وسبوا حريم بني الحرفوش ونهبوا المدينة وساقوا الأمير مصطفى واخاه إلى دمشق فامر درويش باشا بشنق الأمير مصطفى وارسل إلى بعلبك حاكما من عنده يدعى سليم آغا. واما الأمير جهجاه الذي نجا من يد العسكر فإنه سار إلى عرب خزاعة أبناء عمه في العراق واستنجدهم على استرجاع بعلبك فاعتذروا اليه وأمدوه بمال وفير وأعطوه فرسا صفراء كريمة الأصل فعاد إلى بعلبك سنة 1208 ه 1786 م (انتهى) ومنه يعلم سبب ذهابه إلى العراق الذي ذكرنا ان سببه ضغط بني عمه عليه واخذهم الامارة كما قد تدل عليه قصيدته العامية المذكورة هناك ولكن الصواب ان سببه القبض على أبيه وعليه فتخلص هو وذهب إلى العراق وقتل أبوه ثم بلغه قتل أبيه وسبي حريمهم وأرسلت له بعض حرائرهم كتابا فتحمس وعاد واخذ الامارة ومنه يعلم أيضا ان ما ذكرناه نقلا عن بعض التواريخ العاملية من أنه في سنة 1204 صارت وقعة بين والي الشام وبين البعلبكيين وكانت الغلبة لعسكر الوالي واخذوا حريم الأمير إلى الشام وزدنا عليه ان المراد بالوالي إبراهيم باشا وبالأمير جهجاه ليس بصواب بل الظاهر أن الوالي هو درويش باشا والأمير هو الأمير مصطفى لا جهجاه لأن ذلك هو الذي ذكره المؤرخون كما سمعت اما إبراهيم باشا الأظن الذي ولي دمشق بعد حسين بطال باشا الذي ولي بعد درويش باشا فهو وان كان في عهد امارة جهجاه على بعلبك وارسل عسكرا وكبس جهجاها الا ان جهجاها كسر عسكر الأظن وقتل منهم جماعة كما مر ولم يذكر أحد من المؤرخين ان عسكر الأظن غلب جهجاها وسبى الحريم. ثم قال في تاريخ بعلبك بعد ما ذكر رجوع الأمير جهجاه من العراق إلى بعلبك سنة 1201: وكان قد ولي دمشق حسين بطال باشا وعزل سليم آغا عن بعلبك وولاها محمد آغا العبد وكان زنجيا فذهب الأمير جهجاه إلى زحلة وجمع مائة مقاتل لاسترجاع بعلبك ولما فرغ من تنظيمها توجه إلى المدينة وقد لف اللباد على حوافر الخيل لئلا يسمع لها صوت فدخلوها تحت جنح الليل وقتلوا كل من صادفوه في طريقهم وانهزم محمد آغا إلى دمشق (1) وكان الوالي قد هم بالخروج إلى الحج فلم يتمكن من ارسال عسكر إلى بعلبك فلما عاد سنة 1202 ه 1787 م ارسل المنلا إسماعيل بألف ومائتي فارس فالتقاه الأمير جهجاه واخوه الأمير سلطان باهل زحلة وكمنت فرق منهم في مضيق القرية فلما وصل الفرسان إلى المضيق أطلقوا عليهم الرصاص وخرجوا إليهم وتلاحم الفريقان فانهزمت عساكر المنلا وتبعهم رجال الأمير إلى قرية السلطان إبراهيم واثخنوا فيهم ولم يصب من رجال الأمير الا نفر قليل ورجع الأمير جهجاه إلى بعلبك وقبض على أزمة الأحكام. وفي تاريخ الأمير حيدر انه في هذه السنة اي سنة 1202 بعد رجوع بطال باشا من الحج عزل عن دمشق وتولى مكانه إبراهيم باشا الأظن وبعد دخول إبراهيم باشا إلى دمشق ارسل عسكرا إلى بلاد بعلبك وكبس الأمير جهجاه الحرفوشي فانكسر عسكر الدولة وقتل منهم جماعة ثم ارسل الأمير يوسف فاستعطف خاطر إبراهيم باشا على الأمير جهجاه وعاد إلى حكم بلاد بعلبك. فصاحب تاريخ بعلبك جعل هذه الوقعة مع عسكر بطال باشا والأمير حيدر جعلها مع عسكر الأظن. وفي تاريخ بعلبك ذكر