الملا سليمان ونصب عباس الحداد سنة 1228، ويمكن ان يكون لوساطة أبناء الشيخ جعفر اثر في ذلك ثم قتل عباس الحداد غيلة من قبل الشمرت سنة 1234 ورجع الامر إلى الملالي كما فصلناه في غير هذا الموضع من الكتاب واستمرت هذه الفتنة ما يزيد على مائة عام من سنة 1228 إلى عهد الاحتلال الانكليزي للعراق في عصرنا هذا ولكل واحد من الفريقين شيوخ ورؤساء يتوارثون الرياسة خلفا عن سلف ومنهم من يأخذها بحقها بدون سبق وراثة. فمن وقائعهم ما حدث سنة 1231 من الواقعة التي أشار إليها الشيخ خضر بن شلال النجفي فيما حكي عن كتابه التحفة الغروية من أنه حدثت واقعة في البلد الأشرف - النجف - بين طغام الزقرت وفسقة الشمرت والبندق فوق رؤوسنا من الفئة الثانية كمخاطف النجوم حتى قتل بها خلق كبير منهم جماعة لا نظير لهم في النسك والتقوى وبلغت إلى حد التقت فيه حلقتا البطان فتفرق الناس في جميع الأمصار ثم ذكر مجئ العساكر واضطهادهم أهل البلد وحبسهم الشيخ علي ابن الشيخ جعفر المترجم وتفرق أهل البلد عند حبسه اه وحدثت أيضا بينهم وقعة سنة 1234 وفي سنة 1269 قتل عبود الفيخراني واخوه مهدي وظاهر الملحة وغيرهم وهم رؤساء الشمرت وذلك أن حكومة بغداد في هذه السنة جعلت ترسل العساكر ليلا إلى النجف وتدخلها إلى القلعة التي بجانب السور من جهة الشرق الشمالي - التي حولت اليوم إلى مدرسة - فكانوا يدخلون إليها ليلا من الباب الخارج ولا يعلم بهم أحد من أهل البلد فلما تكاملت العساكر جاء بعض رؤساء الدولة إلى النجف مظهرا انه جاء لبعض الاصلاحات فزاره العلماء والرؤساء ثم في بعض الأيام عمل وليمة في الدار التي كان نازلا بها قرب القلعة وشحن الدور التي كانت حولها بالعساكر ودعا إلى وليمته علماء البلدة ورؤساءها وفيهم شيوخ الشمرت فلما تكامل عدد المدعوين ووضعت الموائد نزع الطربوش عن رأسه وهي العلامة بينه وبين العسكر فامتلأت الدار بالعساكر وقبض على كل واحد من شيوخ الشمرت جماعة من العسكر وأوثقوهم فخاف العلماء وخرجوا حتى أن بعضهم خرج حافيا فأمنهم الرئيس وطيب خاطرهم وضرب هؤلاء المقدم ذكرهم بالسياط حتى ماتوا تحت الضرب والقى جثثهم خارج السور حتى بقيت أياما فسكنت الفتنة بعد قتلهم مدة ثم عادت إلى الظهور ووقعت بينهم موقعة أخرى سنة 1292 وتعرف بحادثة الجنائز وأخرى تعرف بحادثة البركة في تلك السنة وأخرى سنة 1293 قتل فيها عبد الله وهب من رؤساء الشمرت، وفي مدة إقامتنا بالنجف الأشرف من شهر ذي الحجة سنة 1308 إلى شهر جمادى الثانية سنة 1318 حدث بينهم وقعتان لست أتذكر تاريخهما على التحقيق إحداهما كان سببها ان جاء الشمرت من خارج البلدة ليدفنوا جنازة لهم في وادي السلام فوصلوا قريب الفجر وخرج الزقرت لمنعهم فقتل من الزقرت شاب تعلقت به أمه لما أراد الخروج فانفلت منها فاصابته رصاصة فقتل ورجع الزقرت ودفن الشمرت ميتهم وعادوا ثم إن الشمرت عادوا وهجموا على مقهى في النجف كان فيه أحد رؤساء الزقرت المدعو السيد محمد علي بن طبار الهوا فهرب منهم وعادوا، والثانية كانت أشد من الأولى تجمع فيها الشمرت وتحصنوا في معاقلهم وكذلك الزقرت وأغلق سادن الحضرة الشريفة أبواب الصحن الشريف قبل ان يتمكن أحد الفريقين من احتلاله لان من سبق إلى احتلاله كانت له الغلبة حيث يصعد المآذن التي هي أعلى مكان في البلد ويرمي منها بالبنادق فتكون له الغلبة وأغلقت الأسواق ولزم الناس بيوتهم ودخل العسكر القلعة واغلقوا أبوابها وكذلك الدرك اغلقوا باب دار الحكومة وهذه عادتهم وارسل حاكم البلد برقية إلى بغداد وكان أزيز الرصاص يسمع من فوق رؤوس الناس فبقي ذلك أياما ثم خرج الشمرت من البلد وهدأت الحال وفتحت الأسواق سوى ان الصحن لا تزال أبوابه مقفلة فحضر ميرالاي اسمه شعبان باشا ومعه عساكر ومدافع ففتح الصحن يوم وصوله وبقي في النجف أياما عزل فيها الحاكم وارسل العسكر إلى بيوت الشمرت يفتشون على الرجال فلم يجدوا أحدا غير النساء ومع العسكر بعض رؤساء الزقرت فجعل النساء يشتمنه ثم قال له شعبان باشا اختر من أصحابك الشجعان الأنجاد واذهب بهم مع العسكر للتفتيش على الشمرت، ففعل فطافوا في عدة أماكن من نواحي العراق فلم يجدوا أحدا فلما توسطوا بلدان العراق قبض عليهم المعسكر الذي معهم وعلى رئيسهم السيد محمد علي بن طبار الهوا، وأطلقوا البنادق التي مع الزقرت المسماة في العراق بالمطبق وفي الشام بالجفت دفعة واحدة في الفضاء فكان لها دوي عظيم ثم نفوا الرؤساء وجماعة إلى سوريا وغيرها واطلقوا السيد محمد علي وجعلوه وكيل مدير في الكوفة ثم مأمورا على تعداد النخل في شفاثا وهي موبوءة الهواء فحم ومات ودفن بباب الصحن الغربي المعروف بباب الفرج تحت اقدام الزائرين المجتازين بوصية منه ومن رؤساء الزقرت أبو تركي الحاج عطية من آل أبو كلل وهو حي يرزق إلى اليوم وكان قد بنى دارا أسماها الدرعية فجرت له وقعة مع الشمرت فقال أحدهم في تلك الوقعة زجلا:
لا بد ما نصلي الدرعيه * ونصبغ يشماغ بن عطية ونيتم تركي وتركيه * ونرد العشرة على المية فأجابه أحد أصحاب الحاج عطية يقول:
هذي الدرعية المعروفة * واليصليها يلقى احتوفه ويقول في آخر الدور * وترد الألف على الميه وفي أحدهم وقد قتل في بعض الوقائع تقول الملا وحيدة نائحة النجف من أهل هذا العصر:
منين اجتك هذه الطركاعة * يا صخر مرمر صعب مشلاعه يا صخر مرمر صعب ما ينشلع * ما حلالي أعلى التفك مثلك جرع اصواب ابن كيوان ها لحدر الضلع * وأنت بو جاسم يسم الساعة وآخر وقعة بينهم كانت سنة 1320 انتصر فيها الزقرت على الشمرت وتعرف بوقعة أولاد عزيز - بقر الشام - أبو باقر شام وهما صكبان ومحمد من رؤساء الشمرت وكانا من الشجعان المعروفين وقتل في هذه الحادثة أبوهما عزيز بعد ان قتل رجالا مشهورين بالنجدة والشجاعة من الزقرت وعند قتله خمدت الفتنة.
مشايخه اخذ أولا عن أبيه ثم عن الشيخ محمد تقي الدورقي من فقهاء النجف والسيد صادق الفحام وغالب تلمذه على الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي النجفي وقرأ في كربلاء على الآقا محمد باقر البهبهاني وفي النجف على السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي وغيرهم.
تلاميذه تخرج به كثير من الفقهاء المشاهير مثل أولاده الثلاثة الفحول المعروفين وهم: (1) الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر الذي كان المترجم