[حج السلطان الأشرف وانتقاض المماليك عليه بالعقبة وما كان مع ذلك من ثورة قرطاي بالقاهرة وبيعة الأمير على ولى العهد ومقتل السلطان اثر ذلك] لما استقر السلطان في دولته على أكمل حالات الاستبداد والظهور واذعان الناس لطاعته في كل ناحية وأكمل الله له الامتاع بملكه ودنياه سمت نفسه إلى قضاء فرصه فأجمع الحج سنة ثمان وسبعين وتجهز لذلك واستكثر من الرواحل المستجادة والأزودة المثقلة من سائر الأصناف واستعد للسفر واحتفل في الأبهة بما لم يعهد مثله واستخلف ابنه ولى العهد في ملكه وأوصى النائب اكتمر عبد النبي بمباكرة بابه والانتهاء إلى مراسمه وأخرج بنى الملك الناصر المحجوبين بالقلعة مع سرد الشيخوني إلى الكرك يقيمون به إلى منصرفه وتجهز الخليفة العباسي محمد المتوكل بن المعتضد والقضاة للحج معه وجهز جماعة من الأمراء أهل دولته وأزاح عللهم وملا بمعروفه حقائبهم وخرج ثاني عشر شوال في المراكب والقطارات يروق الناظرين كثرة ومخافة وزينة والخليفة والقضاة والأمراء حفافيه وبرز النظارة حتى العواتق من خدورهن وتجللت بمركبهم البسيطة وماجت الأرض بهم موجا وخيم بالبركة منزل الحاج وأقام بها أياما حتى فرغ الناس من حاجاتهم وارتحل فما زال يتنقل في المنازل إلى العقبة ثم أقام فيها على عادة الحاج وكان في نفوس المماليك وخصوصا البيبقاوية وهم الأكثر شجى يتشوفون به إلى الاستبداد من الدولة فتنكروا واشتطوا في اقتضاء أرزاقهم والمباشرون يعللونهم وانتهى؟؟ إلى الفساد ثم طلبوا العلوفة المستقبلة إلى دار الأزلم فاعتذر المباشرون بأن الأقوات حملت إلى أمام فلم يقبلوا وكشفوا القناع في الانتقاض وباتوا ليلتهم على تعبية واستدعى الأشرف طشتمر الدوادار وكان كبيرهم ففاوضه في الامر ليفك من عزمهم فأجمل العذر عنهم وخرج إليهم فخرجوا ثم ركبوا من الغد واصطفوا واركبوا طشتمر معهم ومنعوه من معاودة السلطان وتولى كبر ذلك منهم مبارك الطازى وسراى تمر المحمدي وبطلقمر العلائي وركب السلطان في خاصته يظن أنهم يرعوون أو يجنح إليه بعضهم فأبوا الا الاحفاف على قتاله ونضحوا موكبه بالنبل لما عاينوه فرجع إلى خيامه منهزما ثم ركب البحر في لفيف من خواصه ومعه أرغون شاه الأتابك وبيبقا الناصري ومحمد بن عيسى صاحب الدرك من لفائف الاعراب أهل الضاحية وفي ركابه جماعة الشباب الذين أنشأهم في مخالصته ورشحهم للوظائف في دولته كما مر وخام الفل إلى القاهرة وقد كان السلطان عندما سافر عن القاهرة ترك بها جماعة من الأمراء والمماليك مقيمين في وظائفهم كان منهم قرطاي الطازى كافل أمير على ولى العهد واقتمر الخليلي وقشتمر واستدمر السرغتمشى
(٤٦٣)