مصر فلقى في البحر مركبا فيها نحو ستمائة من الإفرنج بالسلاح والأموال قاصدون لإفرنج بالشأم فظفروا بهم وغنموا ما معهم وعادوا إلى مصر سالمين ومنها في البر أغار الدارون جماعة من الإفرنج ولحقهم المسلمون بأيلة واتبعوهم إلى العسيلة وعطش لمسلمون فانزل الله تعالى عليهم المطر حتى رووا وقاتلوا الإفرنج فظفروا بهم هنالك واستلحموهم واستقاموا معهم وعادوا سالمين إلى مصر والله أعلم * (استيلاء صلاح الدين على حلب وقلعة حارم) * كان الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين العادل صاحب حلب لم يبق من الشأم غيرها وهو يدافع صلاح الدين عنها فتوفي منتصف سنة سبع وسبعين وعهد لابن عمه عز الدين صاحب الموصل وسار عز الدين صاحب الموصل مع نائبه مجاهد الدين قايمان إليها فملكها ثم طلبها منه أخوه عماد الدين صاحب سنجار على أن يأخذ عنها سنجار فأجابه إلى ذلك وأخذ عز الدين سنجار وعاد إلى الموصل وسار عماد الدين إلى حلب فملكها وعظم ذلك على صلاح الدين وخشى أن يسيره منها إلى دمشق وكان بمصر فسار إلى الشأم وسار منها إلى الجزيرة وملك ما ملك منها وحاصر الموصل ثم حاصر آمد وملكها ثم سار إلى أعمال حلب كما ذكرناه فملك تل خالد وعنتاب ثم سار إلى حلب وحاصرها في محرم سنة تسع وسبعين ونزل الميدان الأخضر أياما ثم انتقل إلى جبل جوشق وأظهر البقاء عليها وهو يغاديها القتال ويراوحها وطلب عماد الدين جنده في العطاء وضايقوه في تسليم حلب لصلاح الدين وأرسل إليه في ذلك الامر طومان الياروقي وكان يميل إلى صلاح الدين فشارطه على سنجار ونصيبين والرقة والخابور وينزل له عن حلب وتحالفوا على ذلك وخرج عنها عماد الدين ثامن عشر صفر من السنة إلى هذه البلاد ودخل صلاح الدين حلب بعد أن شرط على عماد الدين أن يعسكر معه متى عاد ولما خرج عماد الدين إلى صلاح الدين صنع له دعوة احتفل فيها وانصرف وكان فيمن هلك في حصار حلب تاج الملوك نور الدين أخو صلاح الدين الأصغر أصابته جراحة فمات منها بعد الصلح وقبل أن يدخل صلاح الدين البلد ولما ملك صلاح الدين حلب سار إلى قلعة حارم وبها الأمير طرخك من موالي نور الدين العادل وكان عليها ابنه الملك الصالح فحاصره صلاح الدين ووعده وترددت الرسل بينهم وهو يمتنع وقد أرسل إلى الإفرنج يدعوهم للانجاد وسمع بذلك الجند الذين معه فوثبوا به وحبسوه واستأمنوا إلى صلاح الدين فملك الحصن وولى عليه بعض خواصه وقطع تل خالد؟؟ الياروقي صاحب تل باشر وأما قلعة عزاز فان عماد الدين إسماعيل كان خربها فأقطعها صلاح الدين سليمان بن جسار وأقام بحلب إلى أن قضى جميع أشغالها وأقطع أعمالها وسار إلى
(٣٠١)