مسلمون وكفار فأوقعوا بتلك الطوائف واكتسحوا عامة البسائط وقاتلهم قفجاق واللان ودافعوهم ولم يطق التتر مغالبتهم ورجعوا وبعثوا إلى القفجاق وهم واثقون بمسالمتهم فأوقعوا بهم وجر من كان بعيدا منهم إلى بلاد الروس واعتصم آخرون بالجبال والغياض واستولى التتر على بلادهم وانتهوا إلى مدينتهم الكبرى سراى على بحر نيطش المتصل بخليج القسطنطينية وهي مادتهم وفيها تجارتهم فملكها التتر وافترق أهلها في الجبال وركب بعضهم إلى بلاد الروم في إيالة بني فليح أرسلان ثم سار التتر سنة عشر وستمائة من بلاد قفجاق إلى بلاد الروس المجاورة لها وهي بلاد فسيحة وأهلها يدينون بالنصرانية فساروا إلى مدافعتهم في تخوم بلادهم ومعهم جموع من القفجاق سافروا إليهم فاستطرد لهم التتر مراحل ثم كروا عليهم وهم غارون فطاردهم القفجاق والروم أياما ثم انهزموا وأثخن التتر فيهم قتلا وسبيا ونهبا وركبوا السفن هاربين إلى بلاد المسلمين وتركوا بلادهم فاكتسحها التتر ثم عادوا إليها وقصدوا بلغار أواخر السنة واجتمع أهلها وساروا للقائهم بعد أن أكمنوا لهم ثم استطردوا أمامهم وخرج عليهم الكمناء من خلفهم فلم ينج منهم الا القليل وارتحلوا عائدين إلى جنكزخان بأرض الطالقان ورجع القفجاق إلى بلادهم واستقروا فيها والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء * (أخبار خراسان بعد مهلك خوارزم شاه) * قد كنا قدمنا مهلك خوارزم شاه ومسير هؤلاء التتر المغربة في طلبه ثم انتهائهم بعد مهلكه إلى النواحي التي ذكرناها وكان جنكزخان بعد اجفال خوارزم شاه من جيحون وهو سمرقند قد بعث عسكرا إلى ترمذ فساروا منها إلى كلات من أحصن القلاع إلى جانب جيحون فاستولوا عليها وأوسعوها نهبا وسير عسكرا آخر إلى فرغانة وكذلك عسكرا آخر إلى خوارزم وعسكرا آخر إلى خوزستان فعبر عسكر خراسان إلى بلخ وملكوها على الأمان سنة سبع وستمائة ولم يعرضوا لها بعيث وأنزلوا شحنتهم بها ثم ساروا إلى زوزن وميمنة وايدخوى وفارياب فملكوها وولوا عليها ولم يعرضوا لأهلها بأذى وانما استنفروهم لقتال البلد معهم ثم ساروا إلى الطالقان وهي ولاية متسعة فقصدوا قلعة صور كوه من أمنع بلادها فحاصروها ستة أشهر وامتنعت عليهم فسار إليهم جنكزخان بنفسه وحاصرها أربعة أشهر أخرى حتى إذا رأى امتناعها أمر بنقل الخشب والتراب حتى اجتمع منه تل مشرف على البلد واستيقن أهل البلد الهلكة واجتمعوا وفتحوا الباب وصدقوا الحملة فنجا الخيالة وتفرقوا في الجبال والشعاب وقتل الرجالة ودخل التتر البلد فاستباحوها ثم بعث جنكزخان صهره قفجاق قوين إلى خراسان ومرواسا وقاتلوها فامتنعت عليهم وقتل قفجاق قوين فأقاموا على حصارها
(١١٥)