يتغلبون على ما يقدرون عليه من بلاد المسلمين وكان رجار بن رجار يتعاهد سواحل إفريقية بالغزو فبعث سنة ثلاث وخمسين أسطول صقلية إلى جزيرة جربة وقد تقلص عنها ظل الدولة الصنهاجية فأحاطوا بها واشتد القتال ثم اقتحموا الجزيرة عليهم عنوة وغنموا وسبوا واستأمن الباقون وأقرهم الإفرنج في جزيرتهم على جزية وملكوا عليهم أمرهم والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده * (فتح صاحب دمشق بعض حصون الإفرنج) * ثم بعث شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق عساكره مع الأمير خزواش سنة احدى وثلاثين إلى طرابلس الشأم ومعه جمع كثير من التركمان والمتطوعة وسار إليه القمص صاحب طرابلس فقاتلوه وهزموه وأثخنوا في عساكره وأحجزه بطرابلس وعاثوا في أعماله وفتحوا حصن وادى ابن الأحمر من حصونه عنوة واستباحوه واستلحموا من فيه من الإفرنج ثم سار الإفرنج سنة خمس وثلاثين إلى عسقلان وأغاروا في نواحيها وخرج إليهم عسكر مصر الذين بها فهزموا الإفرنج وظفروا بهم وعادوا منهزمين وكفى الله شرهم بمنه وكرمه * (استيلاء الإفرنج على طرابلس الغرب) * كان أهل طرابلس الغرب لما انحل نظام الدولة الصنهاجية بإفريقية وتقلص ظلها عنهم قد استبدوا بأنفسهم وكان بالمهدية آخر الملوك من بنى باديس وهو الحسن بن علي ابن يحيى بن تميم بن المعز فاستبد لعهده في طرابلس أبو يحيى بن مطروح ورفضوا دعوة الحسن وقومه وذلك عندما تكالب الإفرنج على الجهات فطمع رجار في ملكها وبعث أسطوله في البحر فنازلها آخر سنة سبع وثلاثين وخمسمائة فنقبوا سورها واستنجد أهلها بالعرب فأنجدوهم وخرجوا إلى الإفرنج فهزموهم وغنموا أسلحتهم ودوابهم ورجع الإفرنج إلى صقلية فتجهزوا إلى المغرب وطرقوا جيجيل من سواحل بجاية وهرب أهلها إلى الجبل ودخلوها فنهبوها وخربوا القصر الذي بناه بها يحيى بن العزيز بن حماد ويسمى النزهة ورجعوا إلى بلادهم ثم بعث رجار أسطوله إلى طرابلس سنة احدى وأربعين فأرسى عليها ونزل المقاتلة وأحاطوا بها برا وبحرا وقاتلوها ثلاثا وكان أهل البلد قد اختلفوا قبل وصول الإفرنج وأخرجوا بنى مطروح وولوا عليهم رجلا من أمراء لمتونة قام حاجا في قومه فولوه أمرهم فلما شغل أهل البلد بقتال الإفرنج اجتمعت شيعة بنى مطروح وأدخلوهم للبلد ووقع بينهم القتال فلما شعر الإفرنج بأمرهم بادروا إلى الأسوار فنصبوا عليها السلالم وتسنموها وفتحوا البلد عنوة وأفحشوا
(٢٠٢)