كان ايبك الغزي هذا قد ردف قرطاي في حمل الدولة من أول ثورتهم وقيامهم على السلطان فخالصه وخلطه بنفسه في الاصهار إليه وكان ايبك يروم الاستبداد بشأن أصحابه وكان يعرف من قرطاي عكوفه على لذاته وانقسامه مع ندمائه فعمل قرطاي في صفر سنة تسع وسبعين ضيافة في بيته وجمع ندماءه مثل سودون جركس ومبارك الطازى وغيرهم واهدى له ايبك نبيذا أذيب فيه بعض المرقدات فباتوا يتعاطونه حتى غلبهم السكر على أنفسهم ولم يفيقوا فركب ايبك من ليلته وأركب السلطان المنصور معه واختار الامر لنفسه واجتمع إليه الناس وأفاق قرطاي بعد ثلاث وقد انحلت عنه العقدة واجتمع الناس على ايبك فبعث إليه قرطاي يستأمن فأمنه ثم قبض عليه فسيره إلى صفد واستقل ايبك بالملك والدولة ثم بلغه منتصف صفر من السنة انتقاض طشتمر بالشأم وانتقاض الأمراء هنالك في سائر الممالك على الخلاف معه فنادى في الناس بالمسير إلى الشأم فتجهزوا وسرح المقدمة آخر صفر مع ابنه أحمد وأخيه قطلوفجا وفيها من مماليكه ومماليك السلطان وجماعة من الأمراء كان منهم الأميران برقوق وبركة المستبدان بعد ذلك ثم خرج ايبك ثاني ربيع في الساقة بالسلطان والأمراء والعساكر وانتهوا إلى بلبيس وثار الأمراء الذين كانوا مع أخيه في المقدمة ورجع إليه منهزما فأجفل راجعا إلى القلعة بالسلطان والعساكر وخرج عليه ساعة وصوله يوم الاثنين جماعة من الأمراء وهم قطلتمر العلائي الطويل والطنبقا السلطاني والنعناع وواعدوه قبة النصر فسرح إليهم العساكر مع أخيه قطلوفجا فأوقعوا به وتقبضوا عليه وبلغ الخبر إلى ايبك فسرح من حضره من الأمراء للقائهم وهم أيدمر الشمسي واقطمر عبد الغنى وبهادر الجمالي ومبارك الطازى في آخرين ولما تواروا عنه ركب هو هاربا إلى كيمان مصر واتبعه أيدمر القنائي فلم يقف له على خبر ودخل الأمراء من قبة النصر إلى الإصطبل وامضوا الأمراء إلى قطلتمر العلائي وهم يحاذونه وأشير عليه بخلع المنصور والبيعة لمن يقوم على؟؟ من أبناء السلطان فأبى ثم وصل صبيحة الثلاثاء الأمراء الذين ثاروا فجاء أخو ايبك في مقدمة العسكر وفيهم بيبقا الناظري ودمرداش اليوسفي وبلاط من أمراء الألوف وبرقوق وبركة وغيرهما من الطلخامات فنازعوهم الامر وغلبوهم عليه وبعثوا بهم إلى الإسكندرية معتقلين وفوض الأمراء إلى بيبقا الناظري فقام بأمرهم وهو شعاع وآراؤهم مختلفة ثم حضر يوم الأحد التاسع من ربيع ايبك صاحب الدولة وظهر من الاختفاء وجاء إلى بلاط منهم وأحضره عند بيبقا الناظري فبعث به إلى الإسكندرية فحبسه بها وكان بيبقا الناظري يختص برقوق وبركة بالمفاوضة استرابة بالآخرين فاتفق
(٤٦٦)