وخمسين ثم خلص إبريزه من ذلك السبك وأهل قمره بعد المحاق واستقل السلطان من نكبته وطلع بأفق مصره وتمهد أريكة ملكه ودفعه لما كان بسبيله فأحسن الكرة في الكفاية لمهمة وتوسيع عطاياه وأرزاقه وتمكين أحوال دولته وتسربت الجباية من غير حساب ولا تقرير إلى خزائنه وأحسن النظر في الصرف والخرج بحزمه وكفايته حتى عادت الأمور إلى أحسن معهودها بيمن تعبيته وسديد رأيه وصلابة عوده وقوة صرامته مع بذل معروفه وجاهه لمن تحت يده وبشاشته وكفايته لغاشيته وحسن الكرامة لمنتابه ومقابلة؟؟ إليه بكرم مقاصده فأصبح طرازا للدولة وتاجا للخواص وقذفه المنافسون بخطأ السعايات فزلت في جهات حلم السلطان وجميل اغتباطه وتثبته حتى أعيتهم المذاهب وانسدت عليهم الطرق ورسخت قدمه في الدولة واحتل من السلطان بكرم العهد والذمة ووثق بغنائه واضطلاعه فرمى إليه مقاليد الأمور وأوطأ عقبه أعيان الخاصة والجمهور وأفرده في الدولة بالنظر في الأمور حسبانا وتقديرا وجمعا وتقريرا وكنزا موفرا وصرفا لا يعرف تبذيرا وبطرا وفى الانهاء بالعزل والإهانة مشهورا مع ما يمتاز به من الامر والشأن وسمو مرتبته على مر الازمان وهو على ذلك لهذا العهد عند سفر السلطان إلى الشأم لمدافعة سلطان المغل كما مر ذكره والله متولى الأمور لا رب غيره [مسير منطاش ويعبر إلى نواحي حلب وحصارها ثم مفارقة يعبر وحصاره عنتاب ثم رجوعه] ولما انهزمت العساكر بسلمية كما قلنا ارتحل يعبر في أحيائه ومعه منطاش وأصحابه إلى نواحي حلب وسار يعبر إلى بلد سرمين من اقطاعه ليقسمها في قومه على عادتهم وكان كمشيقا نائب حلب قد أقطعها لجند من التركمان في خدمته فلما وافاها يعبر هربوا إلى حلب فلقوا في طريقهم أحمد بن المهدار في العساكر وقد نهض إلى يعبر فرجعوا عنه ولقيهم علي بن يعبر فقاتلوه وهزموه وقتلوا بعض أصحابه صبرا ورجع يعبر إلى أحيائه وارتحلوا إلى حلب فحاصروها وضيقوا عليها أيام رمضان ثم راجع يعبر نفسه وراسل كمشيقا نائب حلب في الطاعة واعتذر عما وقع منه وطوق الذنب بالجوباني وأصحابه أهل الواقعة وسال الأمان مع حاجبه عبد الرحمن فأرسله كمشيقا إلى السلطان وأخبره بما اشترط يعبر فأجابه السلطان إلى سؤاله وشعر بذلك منطاش بمكانه من حصار حلب فارتاب وخادع يعبرا إلى الغارة على التركمان بقربهم فأذن للعرب في المسير معه وسار معه منهم سبعمائة فلما جاوز الدربند أرجلهم عن الخيل وأخذها ولحق بالتركمان ونزل بمرعش بلد أميرهم سولى ورجع العرب مشاة إلى يعبر فارتحل إلى سبيله راجعا وسار
(٤٩٨)