هذه العساكر فألح عليه في ذلك وغدا عليه يوم الفطر مسلما فوعده وانصرف وكان تقى الدين عمر بن شاه أخي صلاح الدين مقبلا من حماة في عسكر فأرسل إليه صلاح الدين باعتراضه ورده طوعا أو كرها فلقيه بقلعة فيك ورده كرها وكتب صلاح الدين إلى عز الدين صاحب الموصل بحصار جزيرة ابن عمر يظنها مكيدة فتلقاها بالمراجعة وطلب اقطاع الجزيرة فأسعفه وسار إليها وحاصرها أربعة أشهر فامتنعت عليه ثم صالحه على نصف أعماله ورجع الموصل والله تعالى أعلم * (مسير عز الدين صاحب الموصل إلى بلاد العادل بالجزيرة ورجوعه عنها) * كان صلاح الدين قد ملك من بلاد الجزيرة حران والرها وسميساط وميافارقين وكانت بيد ابن أخيه تقى الدين عمر بن شاه ثم توفى تقى الدين فأقطعها أخاه العادل أبا بكر بن أيوب ثم توفى صلاح الدين سنة تسع وثمانين فطمع عز الدين صاحب الموصل في ارتجاعها واستشار أصحابه فأشار عليه بعضهم بمعالجتها وأن تستنفر أصحاب الأطراف لها مثل صاحب أربل وصاحب جزيرة ابن عمر وصاحب سنجار ونصيبين ومن امتنع يعاجله حربا ويعاجل البلد قبل أن يستعد أهله للمدافعة وأشار مجاهد الدين قايمان بمشاورة هؤلاء الملوك والعمل بإشارتهم فقبل من مجاهد الدين وكاتبهم فأشاروا بانتظار أولاد صلاح الدين وأن البلد في طاعته وأنه القائم بدولته وأنه بلغه أن صاحب ماردين تعرض لبعض بلاده فجهز جيشا كثيفا لقصد ماردين فوجموا الكتابة وتركوا الحركة ثم بلغهم أنه بظاهر حران في خف من العسكر فتجهز للحركة عليه ولما وقع الاتفاق مع صاحب سنجار جاءت عساكر الشأم إلى العادل من الأفضل فامتنع وسار عز الدين في عساكره من الموصل إلى نصيبين واجتمع بأخيه عماد الدين وساروا إلى الرها وقد عسكر العادل قريبا منهم بمرج الريحان وخافهم فأقاموا أياما كذلك ثم طرق عز الدين المرض فترك العساكر مع أخيه عماد الدين وسار إلى الموصل والله تعالى أعلم * (وفاة عز الدين صاحب الموصل وولاية ابنه نور الدين) * ولما رجع عز الدين إلى الموصل أقام بها مدة شهرين واشتد مرضه فتوفى آخر شعبان سنة تسع وثمانين وولى ابنه نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود بن مودود بن الأتابك زنكى وقام بتدبير دولته مجاهد الدين قايمان مدبر دولة أبيه والله سبحانه وتعالى أعلم * (وفاة عماد الدين صاحب سنجار وولاية ابنه قطب الدين) *
(٢٦٤)