* (حصار العزيز ثانيا دمشق وهزيمته) * ولما عاد العزيز إلى مصر عاد موالي صلاح الدين إلى اغرائه بأخيه الأفضل فتجهد لحصاره بدمشق سنة احدى وتسعين وسار الأفضل من دمشق إلى عمه العادل بقلعة جعبر ثم إلى أخيه الظاهر غازي بحلب مستنجدا لهما وعاد إلى دمشق فوجد العادل قد سبقه إليها واتفقا على أن تكون مصر للأفضل ودمشق للعادل ووصل العزيز إلى قرب دمشق وكان الأكراد وموالي شيركوه منحرفين عنه كما قدمناه وشيعة للأفضل ومقدمهم سيف الدين أبو ركوش من الموالى وأبو الهيجاء السمين من الأكراد فدلسا للأفضل بالخروج إلى العزيز وواعداه الهزيمة عنه فخرجا في العساكر وانحاز إليهما الموالى والأكراد وانهزم العزيز إلى مصر وبعث الأفضل العادل إلى القدس فتسلمه من نائب العزيز وساروا في اتباعه إلى مصر والعساكر ملتفة على الأفضل فارتاب العادل وخشى أن لا يفي له الأفضل بما اتفقا عليه ولا يمكنه من دمشق فراسل العزيز بالثبات وأن ينزل حامية ووعد من نفسه المظاهرة على أخيه وتكفل له منعه من مقاتلته بلبيس فترك العزيز بها فخر الدين جهاركس في عسكر من موالي أبيه وأراد الأفضل مناجزتهم فمنعه العادل فأراد الرحيل إلى مصر فمنعه أيضا وقال له ان أخذت مصر عنوة انخرقت الهيبة وطمع فيها الأعداء والمطاولة أولى ودس إلى العزيز بارسال القاضي الفاضل وكان مطاعا فيهم لمنزلته عند صلاح الدين فجاء إليهما وعقد الصلح بينهم على أن يكون للأفضل القدس وفلسطين وطبرية والأردن مضافة إلى دمشق ويكون للعادل كما كان القديم ويقيم بمصر عند العزيز يدبر أمره وتحالفوا على ذلك وعاد الأفضل إلى دمشق وأقام العادل عند العزيز بمصر انتهى والله أعلم * (استيلاء العادل على دمشق) * ثم إن العزيز استمال العادل وأطمعه في دمشق أن يأخذها من أخيه ويسلمها إليه وكان الظاهر صاحب حلب يعذل الأفضل في موالاة عمه العادل ويحرضه على ابعاده فيلج في ذلك ثم إن العادل والعزيز ساروا من مصر وحاصروا دمشق واستمالوا من أمراء الأفضل أبا غالب الحمصي على وثوق الأفضل به واحسانه إليه ففتح لهم الباب الشرقي عشى السابع والعشرين من رجب سنة اثنتين وتسعين فدخل العادل منه إلى دمشق ووقف العزيز بالميدان الأخضر وخرج إليه أخوه الأفضل ثم دخل الأفضل دار شيركوه وأظهروا مصالحة الأفضل خشية من جموعه وأعادوه إلى القلعة وأقاموا بظاهر البلد والأفضل يغاديهم كل يوم ويراوحهم حتى استفحل أمرهم فأمروه بالخروج من دمشق وتسليم أعمالها وأعطوه قلعة صرخد وملك العزيز
(٣٣٢)