[الخبر عن دولة بنى أيوب القائمين بالدولة العباسية وما كان لهم من الملك بمصر والشأم واليمن والمغرب وأولية ذلك ومصايره] هذه الدولة من فروع دولة بنى زنكى كما تراه وجدهم هو أيوب بن شادي بن مروان بن علي بن عشرة بن الحسن بن علي بن أحمد بن علي بن عبد العزيز بن هدبة بن الحصين بن الحرث بن سنان بن عمر بن مرة بن عوف الحميري الدوسي هكذا نسبه بعض المؤرخين لدولتهم قال ابن الأثير انهم من الأكراد الروادية وقال ابن خلكان شادي أبوهم من أعيان درين وكان صاحبه بها بهروز فأصابه خصى من بعض أمرائه وفر حياء من المثلة فلحق بدولة السلطان مسعود بن محمد بن ملك شاه وتعلق بخدمة داية بنيه حتى إذا هلك الداية أقامه السلطان لبنيه مقامه فظهرت كفايته وعلا في الدولة محله فبعث عن شادي بن مروان صاحبه لما بينهما من الألفة وأكيد الصحبة فقدم عليه ثم ولى السلطان بهروز شحنة بغداد فسار إليها واستصحب شادي معه ثم أقطعه السلطان قلعة تكريت فولى عليها شادي فهلك وهو وال عليها وولى بهروز مكانه ابنه نجم الدين أيوب وهو أكبر من أسد الدين شيركوه فلم يزل واليا عليها ولما زحف عماد الدين زنكى صاحب الموصل لمظاهرة مسعود على الخليفة المسترشد سنة عشرين وخمسمائة وانهزم الأتابك وانكفأ راجعا إلى الموصل ومر بتكريت قام نجم الدين بعلوفته وأزواده وعقد له الجسور على دجلة وسهل له عبورها ثم إن شيركوه أصاب دما في تكريت ولم يفده منه أخوه أيوب فعزله بهروز وأخرجهما من تكريت فلحقا بعماد الدين بالموصل فأحسن إليهما وأقطعهما ثم ملك بعلبك سنة ثنتين وثلاثين جعله نائبا بها ولم يزل بها أيوب ولما مات عماد الدين زنكى سنة احدى وأربعين زحف صاحب دمشق فخر الدين طغركين إلى بعلبك وحاصرها واستنزل أيوب منها على ما شرط لنفسه من الاقطاع وأقام معه بدمشق وبقي شيركوه مع نور الدين محمود بن زنكى وأقطعه حمص والرحبة لاستطلاعه وكفايته وجعله مقدم عساكره ولما صرف نظره إلى الاستيلاء على دمشق واعتزم على مداخلة أهلها كان ذلك على يد شيركوه وبمكاتبته لأخيه أيوب وهو بدمشق فتم ذلك على أيديهما وبمحاولتهما وملكها سنة تسع وأربعين وخمسمائة وكانت دولة العلويين بمصر قد أخلقت جدتها وذهب استفحالها واستبد وزراؤها على خلفائها فلم يكن الخلفاء يملكون معهم وطمع الإفرنج في سواحلهم وأمصارهم لما نالهم من الهرم والوهن فمالوا عليهم وانتزعوا البلاد من أيديهم وكانوا يردون عليهم كرسي خلافتهم بالقاهرة ووضعوا عليهم الجزية وهم يتجرعون المصاب من ذلك ويتحملونه مع بقاء أمرهم كاد الأتابك زنكى وقومه السلجوقية من قبله أن بمحو دعوتهم ويذهبوا
(٢٧٨)