على الملك والسلطان انتهى كلام بيبرس ومساق القصة يدل على أن قبيلة دورت من القفجاق وان قبيلة طغصبا من التتر فيقتضى ذلك أن هذه البطون التي عددت ليست من بطن واحد وكذلك يدل مساقها على أن أكثر هؤلاء الترك الذين بديار مصر من القفجاق والله تعالى أعلم [الخبر عن استبداد الترك بمصر وانفرادهم بها عن بنى أيوب ودولة المعز ايبك أول ملوكهم] قد تقدم لنا ان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل بن العادل قد استكثر من المماليك الترك ومن في معناهم من التركمان والأرمن والروم وچركس وغيرهم إلا أن اسم الترك غالب على جميعهم لكثرتهم ومزيتهم وكانوا طوائف متميزين بسمات من ينسبون إليه من نسب أو سلطان فمنهم العزيزية نسبة إلى العزيز عثمان بن صلاح الدين ومنهم الصالحية نسبة إلى هذا الصالح أيوب ومنهم البحرية نسبة إلى القلعة التي بناها الصالح بين شعبتي النيل إزاء المقياس بما كانوا حاميتها وكان هؤلاء البحرية شوكة دولته وعصابة سلطانه وخواص داره وكان من كبرائهم عز الدين ايبك الجاشنكير التركماني ورديفه فارس الدين اقطاى الجامدار وركن الدين بيبرس البندقدارى ولما كان ما قدمناه ووفاة الصالح بالمنصورة في محاصرة الإفرنج بدمياط في سنة سبع وأربعين وكتمانهم موته ورجوعهم في تدبير أمورهم إلى شجر الدر زوجة الصالح وأم ولده خليل وبعثهم إلى ابنه المعظم تورانشاه وانتظاره وان الإفرنج شعروا بموت الصالح فدلفوا إلى معسكر المسلمين على حين غفلة فانكشف أوائل العسكر وقتل فخر الدين الأتابك ثم أفرغ الله الصبر وثبت اقدامهم وأبلى أمراء الترك في ذلك اليوم بلاء حسنا ووقفوا مع شجر الدر زوج السلطان تحت الرايات ينوهون بمكانها فكانت لهم الكرة وهزم الله العدو ثم وصل المعظم تورانشاه من كيفا فبايعوا له وأعطوه الصفقة وانتظم الحال واستطال المسلمون على الإفرنج برا وبحرا فكان ما قدمناه من هزيمتهم والفتك بهم وأسر ملكهم الفرنسيس ثم رحل المعظم اثر هذا الفتح إلى مصر لشهرين من وصوله ونزل بفارس كور يريد مصر وكانت بطانته قد استطالوا على موالي أبيه وتقسموهم بين النكبة والاهمال فاتفق كبراء البحرية على قتله وهم ايبك واقطاى وبيبوس فقتلوه كما مر ونصبوا للملك شجر الدر أم خليل وخطب لها على المنابر ونقش اسمها على السكة ووضعت علامتها على المراسم ونصها أم خليل وقام ايبك التركماني بأتابكية العسكر ثم فودى الفرنسيس بالنزول عن دمياط وملكها المسلمون سنة ثمان وأربعين وسرحوه في البحر إلى بلاده بعد أن توثقوا منه باليمين أن لا يتعرض لبلاد المسلمين ما بقي
(٣٧٣)