وأمنت الرعية من الأكراد وأما باقي قلاع الهكارية وهي حل وصورا وهزور والملابسي ويامرما ومانرحا وباكرا ونسر فان قراجا صاحب العمادية فتحها بعد قتل زنكى بمدة طويلة كان أميرا على تلك الحصون الهكارية من قبل زين الدين على على ما قال ابن الأثير ولم أعلم تاريخ فتح هذه القلاع فلهذا ذكرته هنا قال وحدثني بخلاف هذا الحديث بعض فضلاء الأكراد أن أبا بكر زنكى لما فتح قلعة أسب وحرساني قلعة العمادية ولم يبق في الهكارية الا صاحب جبل صورا وصاحب هزور لم يكن لهما شوكة يخشى منهما ثم عاد إلى الموصل وخافه أهل القلاع الجليلة ثم توفى عبد الله بن عيسى ابن إبراهيم صاحب الريبة والغي وفرح وملكها بعده ابنه على وكانت أمه خديجة ابنة الحسن أخت إبراهيم وعيسى وهما من الأمراء مع زنكى بالموصل فأرسلها ابنها على إلى أخويها المذكورين وهما خالاه ليستأمنا له من الأتابك فاستحلفاه وقدم عليه فأقره على قلاعه واستقل بفتح قلاع الهكارية وكان الشغبان هذا الأمير من المهرانية اسمه الحسن بن عمر فأخذه منه وخربه لكبره وقلة أعماله وكان نصر الدين جقرى يكره عليا صاحب الريبة والغي وفرح فسعى عند الأتابك في حبسه فأمره بحبسه ثم ندم وكتب إليه أن يطلقه فوجده قد مات فاتهم نصر الدين بقتله ثم بعث العساكر إلى قلعة الرحبية فنازلوها بغتة وملكوها عنوة وأسروا ولد على واخوته ونجت أمه خديجة لمغيبها وجاء البشير إلى الأتابك بفتح الريبة فسره ذلك وبعث العساكر إلى ما بقي من قلاع على فأبى إلا أن يزيدوه قلعة كواشى فمضت خديجة أم على إلى صاحب كواشى من المهرانية واسمه جرك راهروا وسألته النزول عن كواشى لاطلاق أسراهم ففعل ذلك وتسلم زنكى القلاع وأطلق الأسرى واستقامت له جبال الأكراد والله تعالى أعلم * (حصار الأتابك زنكى مدينة دمشق) * كان شمس الملوك إسماعيل بن بورى قد انحل أمره وضعفت دولته واستطال عليه الإفرنج وخشى عاقبة أمرهم فاستدعى الأتابك زنكى سرا ليملكه دمشق ويريح نفسه وشعر بذلك أهل دولته فشكوا إلى أمه فوعدتهم الراحة منه ثم اغتالته فقتلته وجاء الأتابك زنكى فقدم رسله من الفرات فألفوا شمس الملوك قد مات وولى مكانه أخوه محمود واشتمل أهل الدولة عليه ورجعوا الخبر إلى الأتابك فلم يحفل به وسار حتى نزل بظاهر دمشق واشتد أهل الدولة على مدافعته ومقدمهم معين الدين أبربوه أتابك طغركين ثم بعث المسترشد أبا بكر بن بشر الجزري إلى الأتابك زنكى فأمره بصلح صاحب دمشق فصالحه ورحل عنه منتصف السنة والله سبحانه وتعالى أعلم
(٢٣٠)