حمص فأخذوا بحجزة الإفرنج عن الحصار وقوى المسلمون بدمشق عليهم وبعث معين الدين إلى طائفتي الإفرنج من سكان الشأم واللمان الواردين فلم يزل يضرب بينهم وجعل الإفرنج الشأم حصن بانياس طعمة على أن يرحلوا بملك اللمانيين ففتلوا له في الذروة والغارب حتى رحل عن دمشق ورجع إلى بلاده وراء قسطنطينية بالشمال وحسن أمر سيف الدين غازي وأخيه في الدفاع عن المسلمين وكان مع ملك اللمان حين خرج إلى الشأم ابن ادفونش ملك الجلالقة بالأندلس وكان جده هو الذي ملك طرابلس الشأم من المسلمين حين خروج الإفرنج إلى الشأم فلما جاء الآن مع ملك اللمان ملك حصن العريمة وأخذ في منازلة طرابلس ليملكها من القمص فأرسل القمص إلى نور الدين محمود ومعين الدين أنز وهما مجتمعان ببعلبك بعد رحيل ملك اللمانيين عن دمشق وأغراهما بابن ادفونش ملك الجلالقة واستخلاص حصن العريمة من يده فسارا لذلك سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة وبعث إلى سيف الدين وهو بحمص فأمدهما بعسكر مع الأمير عز الدين أبى بكر الديسى صاحب جزيرة ابن عمر وحاصروا حصن العريمة أياما ثم نقضوا سوره وملكوه على الإفرنج وأسروا من كان به من الإفرنج ومعهم ابن ادفونش وعاد إلى سيف الدين عسكره ثم بلغ نور الدين ان الإفرنج تجمعوا في بيقو من أرض الشأم للإغارة على أعمال حلب فسار إليهم وقتلهم وهزمهم وأثخن فيهم قتلا وأسرا وبعث من غنائمهم وأسراهم إلى أخيه سيف الدين غازي والى المقتفى الخليفة انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم * (وفاة سيف الدين غازي وملك أخيه قطب الدين مودود) * ثم توفى سيف الدين غازي بن الأتابك زنكى صاحب الموصل منتصف أربع وأربعين وخمسمائة لثلاث سنين وشهرين من ولايته وخلف ولدا صغيرا ربى عند عمه نور الدين محمود وهلك صغيرا فانقرض عقبه وكان كريما شجاعا متسع المائدة يطعم بكرة وعشية مائة رأس من الغنم في كل نوبة وهو أول من حمل الصنجق على رأسه وأمر بتعليق السيوف بالمناطق وترك التوشح بها وحمل الدبوس في حلقة السرج وبنى المدارس للفقهاء والربط للفقراء ولما أنشده حيص بيص الشاعر يمدحه الأم يراك المجد في زي شاعر * وقد نحلت شوقا إليك المنابر فوصله بألف مثقال سوى الخلع وغيرها ولما توفى سيف الدين غازي انتقض الوزير جمال الدين وأمير الجيوش زين الدين على وجاؤا بقطب الدين مودود وبادروا إلى تمليكه واستخلفوه وحلفوا له وركب إلى دار السلطنة وزين الدين في ركابه فبايعوا له
(٢٣٩)