وولى الأشرف فكان أول أعماله البعث عنه وولاه الوزارة فبلغ المبالغ في الظهور وعلو الكلمة واستخدم الخواص له وترفع عن الناس واستقل الرتب وقبض الأشرف على شمس الدين سنقر وحبسه وكان قد قبض مع طرنطاي النائب عن عز الدين سيف لما بلغه أنه يدبر عليه مع طرنطاي ثم ثبتت عنده براءته فأطلقه والله تعالى أعلم * (فتح عكا وتخريبها) * ثم سار الأشرف أول سنة تسعين وستمائة لحصار عكا متما عزم أبيه فيها فجهز العساكر واستنفر أهل الشأم وخرج من القاهرة فأغذ السير إلى عكا ووافاه بها أمراء الشأم والمظفر بن المنصور صاحب حماة فحاصرها ورماها بالمجانيق فهدم كثير من أبراجها وتلاها المقاتلة لاقتحامها فرشقوهم بالسهام فا؟؟ من اللبود وزحفوا في كنها وردموا الخندق بالتراب فحمل كل واحد منهم ما قدر عليه حتى طموه وانتهوا إلى الأبراج المتهدمة فألصقوها بالأرض واقتحموا البلد من ناحيتها واستلحموا من كان فيها وأكثروا القتل والنهب ونجا الفل من العدو إلى أبراجها الكبار التي بقيت ماثلة فحاصرها عشرا آخر ثم اقتحمها عليهم فاستوعبهم السيف وكان الفتح منتصف جمادى سنة سبعين لمائة وثلاث سنين من ارتجاع الكفار لها من يد صلاح الدين سنة سبع وثمانين وخمسمائة وأمر الأشرف بتخريبها فخربت وبلغ الخبر إلى الإفرنج بصور وصيدا وعتلية وحيفا فأجفلوا عنها وتركوها خاوية ومر السلطان بها وأمر بهدمها فهدمت جميعا وانكفأ راجعا إلى دمشق وتقبض في طريقه على لاشين نائب دمشق لان بعض الشياطين أوحى إليه ان السلطان يروم الفتك به فركب للفرار واتبعه علم الدين سنجر الشجاعي وسار إلى بيروت ففتحها ومر السلطان بالكرك فاستعفي نائبها ركن الدين بيبرس الدوادار وهو المؤرخ فولى مكانه جمال الدين أتسز الأشرفي ورجع السلطان إلى القاهرة فبعث شلامش وخسروا بنى الظاهر من محبسهما بالإسكندرية إلى القسطنطينية ومات شلامش هنالك وأفرج عن شمس الدين سنقر الأشقر وحسام الدين لاشين المنصوري اللذين اعتقلهما كما قدمناه وقبض على علم الدين سنجار نائب دمشق وسبق إلى مصر معتقلا وأمر السلطان ببناء الرفوف بالقلعة على أوسع ما يكون وارفعه وبنى القبة بإزائه لجلوس السلطان أيام الزينة والفرح فبنيت مشرفة على سوق الخيل والميدان والله سبحانه وتعالى أعلم * (فتح قلعة الروم) * ثم سار السلطان سنة احدى وتسعين في عساكره إلى الشأم بعد أن أفرج عن حسام
(٤٠٤)