قد كنا قدمنا أخبار الأرمن إلى قتل ملكهم هيثوم على يد ايدغدى شحنة التتر ببلاد الروم سنة سبع واستقرار الملك بسيس لأخيه أو سير بن ليعون وكان بينه وبين قزمان ملك التركمان مصاف سنة تسع عشرة فهزمه قزمان ولم يزل أو سير بن ليعون ملكا عليهم إلى سنة اثنتين وسبعين فهلك ونصبوا للملك بعده ابنه ليعون صغيرا ابن ثنتي عشرة سنة وكان الناصر قد طلب أو سير أن ينزل له عن القلاع التي تلى الشأم فاتسع وجهز إليه عساكر الشأم فاكتسحوا بلاده وخربوها وهلك أو سير على اثر ذلك ثم أمر الناصر كيبغا نائب حلب بغزو سيس فدخل إليها بالعساكر سنة ست وثلاثين واكتسح جهاتها وحصر قلعة النقير وافتتحها وأسر من الأرمن عدة يقال بلغوا ثلثمائة وبلغ خبرهم إلى النصارى بإياس فثاروا بمن عندهم من المسلمين وأحرقوهم غضبا للأرمن لمشاركتهم في دين النصرانية ولم يثبت أن بعث إلى السلطان دمرداش بن جوبان شحنة المغل ببلاد الروم يعرفه بدخوله في الاسلام ويستنفر عساكره لجهاد نصارى الأرمن فأسعفه بذلك وجهز إليه عساكر الشأم من دمشق وحلب وحماة سنة سبع وثلاثين ونازلوا مدينة اياس ففتحوها وخربوها ونجا فلهم إلى الجبال فاتبعتهم عساكر حلب وعادوا إلى بلادهم ثم سار سنة احدى وستين بندمر الخوارزمي نائب حلب لغزو سيس ففتح أذنة وطرسوس والمصيصة ثم قلعتي كلال والجريدة وسنباط كلا وتمرور وولى نائبين في أذنة وطرسوس وعاد إلى حلب وولى بعده على حلب عشقيم النصارى فسار سنة ست وسبعين وحصر سبس وقلعتها شهرين إلى أن نفدت أقواتهم وجهدهم الحصار فاستأمنوا ونزلوا على حكمه فخرج ملكهم التكفور وأمراؤه وعساكره إلى عشقيم فبعث بهم إلى مصر واستولى المسلمون على سيس وسائر قلاعها وانقرضت منها دولة الأرمن والبقاء لله وحده انتهى * (الصلح مع ملوك التتر وصهر الناصر مع ملوك الشمال منهم) * كان للتتر دولتان مستفحلتان إحداهما دولة بنى هلاكو آخذ بغداد والمستولى على كرسي الاسلام بالعراق وأصارها هو وبنوه كرسيا لهم ولهم مع ذلك عراق العجم وفارس وخراسان وما وراء النهر ودولة بنى دوشى خان بن جنكزخان بالشمال متصلة إلى خوارزم بالمشرق إلى القرو وحدود القسطنطينية بالجنوب وإلى أرض بلغار بالمغرب وكان بين الدولتين فتن وحروب كما تحدث بين الدول المتجاورة وكانت دولة الترك بمصر والشأم مجاورة لدولة بنى هلاكو وكان يطمعون في ملك الشأم ويرددون الغزو إليه مرة بعد أخرى ويستميلون أولياءهم وأشياعهم من العرب والتركمان فيستظهرون بهم عليهم كما رأيت ذلك في أخبارهم وكانت بين ملوكهم من الجانبين وقائع متعددة
(٤٣٠)