استدمر وأصحابه الاجلاب على السلطان كما كانوا وولى مكان المحبوسين من الأمراء وأهل الوظائف وعاد خليل بن قوصون على امرته وعزل قشتمر عن طرابلس وحبس بالإسكندرية واستبدل بكثير من أمراء الشأم واستمر الحال على ذلك بقية السنة والاجلاب على حالهم في الاستهتار بالسلطان والرعية فلما كان محرم سنة تسع وستين عادوا إلى الاجلاب على الدولة فركب أمراء السلطان إلى استدمر يشكونهم ويعاتبونهم في شأنهم فقبض على جماعة منهم كسر بهم الفتنة وذلك يوم الأربعاء سادس صفر فلما كان يوم السبت عاودوا الركوب ونادوا بخلع السلطان فركب السلطان في مماليكه ونحو المائتين والتف عليهم العوام وقد حنقوا على الاجلاب بشراشرهم فيهم وركب استدمر في الاجلاب على التعبية وهم ألف وخمسمائة وجاؤا من وراء القلعة على عادتهم حتى شارفوا القوم فأحجموا ووقفوا وأدلقتهم الحجارة من أيدي العوام بالمقاليع وحملت عليهم العساكر فانهزموا وقبض على آبقا السرغتمشى وجماعة معه فحبسوا بالخزانة ثم جئ باستدمر أسيرا وشفع فيه الأمراء فشفعهم السلطان وأطلقه باقيا على أتابكيته ونزل إلى بيته بقبض الكيس وكان خليل بن قوصون تولى آتابكا في تلك الفترة فأمره السلطان أن يباكر به لحبسه من الغد فركب خليل إلى بيته وحمله على الانتقاض على أن يكون الكرسي لخليل بعلاقة نسبته إلى الملك الناصر من أمه فاجتمع منهم جماعة من الاجلاب وركبوا بالرميلة فركب إليهم السلطان والأمراء في العساكر فانهزموا وقتل كثير منهم وبعثوا بهم إلى الإسكندرية فحبسوا بها وقتل كثير ممن أسر في تلك الواقعة منهم وطيف بهم على الجمال في أقطار المدينة ثم تتبع بقية الاجلاب بالقتل والحبس بالثغور القاصية وكان ممن حبس منهم بالكرك برقوق العثماني الذي ولى الملك بعد ذلك بمصر وبركة الجولاني وطنبقا الجوباني وجركس الخليلي ونعنع وأقاموا كلهم متلفين بين السجن والنفي إلى أن اجتمع شملهم بعد ذلك كما نذكره واستبد السلطان بأمره بعض الشئ وأفرج على الجائي اليوسفي وطغتمر النظامي وجماعة من المسجونين من أمرائه وولى الجائي أمير سلاح وولى بيبقا المنصوري وبكتمر المحمدي من أمراء الاجلاب في الأتابكية شريكين ثم نمى عنهما أنهما يرومان الثورة واطلاق المسجونين من الاجلاب والاستبداد على السلطان فقبض عليهما وبعث عن سنكلى بغا الشمسي من حلب وأقامه في الأتابكية واستدعى أمير على المارداني من دمشق وولاه النيابة وولى في جميع الوظائف استبدالا وانشاء بنظره واختياره وكان منهم مولاه أرغون الأشرفي وما زال يرقيه في الوظائف إلى أن جعله أتابك دولته وكان خالصته كما سنذكر وولى على حلب مكان سنكلى بغاطنبقا الطويل
(٤٥٨)