بغيبه وأحكم * (تغلب الغز على خراسان وهزيمة السلطان سنجر وأسره) * كان هؤلاء الغز فيما وراء النهر وهم شعب من شعوب الترك ومنهم كان السلجوقية أصحاب هذه الدولة وبقوا هنالك بعد عبورهم وكانوا مسلمين فلما استولى الخطأ على ملك الصين وعلى ما وراء النهر حجر هؤلاء الغز إلى خراسان وأقاموا بنواحي بلخ وكان لهم من الأمراء محمود ودينار وبختيار وطوطى وأرسلان ومعر وكان صاحب بلخ الأمير قماج فتقدم إليهم أن يبعدوا عن بلخ فصانعوه فتركهم وكانوا يعطون الزكاة ويؤمنون السابلة ثم عاد إليهم في الانتقال فامتنعوا وجمعوا فخرج إليهم في العساكر وبذلوا له مالا فلم يقبل وقاتلوه فهزموه وقتلوا العسكر والرعايا والفقهاء وسبوا العيال ونجا قماج إلى مرو وبها السلطان سنجر فبعث إليهم يتهددهم ويأمرهم بمفارقة بلاده فلاطفوه وبذلوا له فلم يقبل وسار إليهم في مائة ألف فهزموه وأثخنوا في عسكره وقتل علاء الدين قماج وأسروا السلطان سنجر ومعه جماعة من الأمراء فقتلوا الأمراء واستبقوا السلطان سنجر وبايعوه ودخلوا معه إلى مرو فطلب منه بختيار اقطاعها فقال هي كرسي خراسان فسخروا منه ثم دخل سنجر خانقاه فقسط على الناس واطرهم وعسفهم وعلق في الأسواق ثلاث غرائر وطالبهم بملئها ذهبا فقتله العامة ودخل الغز نيسابور ودمروها تدميرا وقتلوا الكبار والصغار وأحرقوها وقتلوا القضاة والعلماء في كل بلد ولم يسلم من خراسان غير هراة وسبستان لحصانتهما وقال ابن الأثير عن بعض مؤرخي العجم ان هؤلاء الغز انتقلوا من نواحي التغرغر من أقاصي الترك إلى ما وراء النهر أيام المقتفى وأسلموا واستظهر بهم المقنع الكندي على مخارقه وشعوذته حتى تم أمره فلما سارت إليه العساكر خذلوه وأسلموه وفعلوا مثل ذلك مع الملوك الخانية ثم طردهم الأتراك القارغلية عن اقطاعهم فاستدعاهم الأمير زنكى بن خليفة الشيباني المستولي على حدود طخارستان وأنزلهم بلاده واستظهر بهم على قماج صاحب بلخ وسار بهم لمحاربته فخذلوه لان قماج كان استمالهم فانهزم زنكى وأسر هو وابنه وقتلهما قماج وأقطع الغز في بلاده فلما سار الحسين بن الحسين الغوري إلى بلخ برز إليه قماج ومعه هؤلاء الغز فخذلوه ونزعوا عنه إلى الغوري حتى ملك بلخ فسار السلطان سنجر إلى بلخ وهزم الغوري واستردها وبقي الغز بنواحي طخارستان وفي نفس قماج حقد عليهم فأمرهم بالانتقال عن بلاده فتألفوا وتجمعوا في طوائف من الترك وقدموا عليهم أرسلان بوقاء التركي ولقيهم قماج فهزموه وأسروه وابنه أبا بكر وقتلوهما واستولوا على نواحي بلخ وعاثوا فيها وجمع السلطان سنجر وفي مقدمته محمد بن أبي بكر بن قماج المقتول
(٧٠)