ولما تواترات الاخبار بهزيمة عساكر الشأم وحصار السلطان الظاهر دمشق وظهور دعوته في حلب وصفد وسائر بلاد الشأم ثم وصلت العساكر المنهزمون وأولاد بندمر ونائب صفد واستحثوه وتواترت كتب جنتمر نائب دمشق وصريخه أجمع منطاش أمره حينئذ على المسير إلى الشأم فتجهز ونادى في العساكر وأخرج السلطان والخليفة والقضاة والعلماء سابع عشر ذي الحجة سنة احدى وتسعين وخيموا بالريدانية من ناحية القاهرة حتى أزاح العلل واستخلف على القاهرة دواداره صراى تمر وأطلق يده في الحل والعقد والتولية والعزل واستخلف على القلعة بكا الأشرفي وعمد إلى خزانة من خزائن الذخيرة بالقلعة فسد بابها ونقبها من أعلاها حتى صارت كهيئة الجب ونقل إليها من كان في سجنه من أهل دولة السلطان ونقل سودون النائب إلى القلعة فأنزله بها وأمر بالقبض على من بقي من مماليك السلطان حيث كانوا فتسربوا في غيابات المدينة ولاذوا بالاختفاء وأوعز بسد كثير من أبواب الدروب بالقاهرة فسدت ورحل في الثاني والعشرين من الشهر بالسلطان وعساكره على التعبية وطووا المراحل ونمى إليه أثناء طريقه أن بعض مماليك السلطان المستخدمين عند الأمراء مجمعون على التوثب ومداخلون لغيرهم فأجمع السطوة بهم ففروا ولحقوا بالسلطان ولما بلغ خبره سيرهم السلطان وهو محاصر دمشق ارتحل في عساكره إلى لقائهم ونزل قريبا من شقحب وأصبحوا على التعبية وكمشيقا بعساكر حلب في ميمنة السلطان ومنطاش قد عبى جيشه وجعل السلطان أمير حاجى والخليفة والقضاة والرماة من ورائهم ووقف معهم تمار تمرراس نوبة وسندمر بن يعقوب شاه أمير سلاح ووقف هو في طائفة من مماليكه وأصحابه في حومة المعترك فلما تراءى الجمعان حمل هو وأصحابه على ميمنة السلطان ففضوها وانهزم كمشيقا إلى حلب ومروا في اتباعه ثم عطفوا على مخيم السلطان فنهبوه وأسروا قجماش ابن عمه كان هناك جريحا ثم حطم السلطان على الذي فيه أمير حاجى والخليفة والقضاة فدخلوا في حكمه ووكل بهم واختلط الفريقان وصاروا في عمى من أمرهم والسلطان في لمة من فرسانه يخترق جوانب المعترك ويحطم الفرسان ويشردهم في كل ناحية وشراد مماليكه وأمرائه يتساقطون إليه حتى كثف جمعه ثم حمل على بقية العسكر وهم ملتئمون على الصفدي فهزمهم ولحقوا بدمشق وضرب خيامه بشقحب ولما وصل منطاش إلى دمشق أوهم النائب جنتمر أن الغلب له وأن السلطان أمير حاجى على الأثر ونادى في العساكر بالخروج في السلاح لتلقيه وخرج من الغد موريا بذلك فركب إليهم السلطان في العساكر فهزمهم وأثخن فيهم واستلحم كثيرا من عامة دمشق ورجع السلطان
(٤٩٢)