بلاد الجزيرة وجاء تقى الدين ابن أخيه من حماة ومظفر الدين كوكبرى من حران والرها وكان أمداد المسلمين تصل في البر وامداد الإفرنج في لبحر وهم محصورون في صورة محاصرين وكانت بينهم أيام مذكورة ووقائع مشهورة وأقام السلطان بقية رجب لم يقاتلهم فلما استهل شعبان قاتلهم يوما بكماله وبات الناس على تعبية ثم صبحهم بالقتال ونزل الصبر وحمل عليهم تقى الدين ابن أخيه منتصف النهار من الميمنة حملة أزالتهم عن مواقفهم وملك مكانهم واتصل بالبلد فدخلها المسلمون وشحنها صلاح الدين بالمدد من كل شئ وبعث إليهم الأمير حسام الدين أبا الهيجاء السمين من أكابر أمرائه من الأكراد الخطية من أربل ثم نهض المسلمون من الغد فوجدوا الإفرنج قد أداروا عليهم خندقا يمتنعون به ومنعوهم القتال يومهم وأقاموا كذلك ومع السلطان أحياء من العرب فكمنوا في معاطف النهر من ناحية الإفرنج على الساحل للخطف منهم وكبسوهم منتصف شعبان وقتلوهم وجاؤا برؤوسهم إلى صلاح الدين فأحسن إليهم والله تعالى أعلم * (الوقعة على عكا) * كان صلاح الدين قد بعث عن عسكر مصر وبلغ الخبر الإفرنج فأرادوا معاجلته قبل وصولهم وكانت عساكره متفرقة في المسالح على الجهات فمسلحة تقابل أنطاكية وسمند من أعمال حلب ومسلحة بحمص تحفظها من أهل طرابلس ومسلحة تقابل صور ومسلحة بدمياط والإسكندرية واعتزم الإفرنج على مهاجمتهم بالقتال ولم يشعروا بهم وصبحوهم لعشرين من شعبان وركب صلاح الدين وعبى عساكره وقصدوا الميمنة وعليها تقى الدين ابن أخيه فتزحزح بعض الشئ وأمده صلاح الدين بالرجال من عنده فحطوا على صلاح الدين في القلب فتضعضع واستشهد جماعة منهم الأمير على ابن مردان والظهير أخو الفقيه عيسى والى القدس والحاجب خليل الهكاري وغيرهم وقصدوا خيمة صلاح الدين فقتلوا من وزرائه ونهبوا واستشهد جمال الدين بن رواحة من العلماء ووضعوا السيف في المسلمين وانهزم الذين كانوا حوالي الخيمة ولم تسقط وانقطع الذين ولوها من الإفرنج عن أصحابهم وراءهم وحملت ميسرة المسلمين عليهم فأحجمتم وراء الخنادق وعادوا إلى خيمة صلاح الدين فقتلوا كل من وجدوا عندها من الإفرنج وصلاح الدين قد عاد من اتباع أصحابه يردهم للقتال وقد اجتمعوا عليهم فلم يفلت منهم أحد وأسروا مقدم الفداوية فأمر بقتله وكان أطلقه مرة أخرى وبلغت عدة القتلى عشرة آلاف فألقوا في النهر واما المنهزمون من المسلمين فمنهم من رجع من طبرية ومنهم من جاوز الأردن ورجع ومنهم من بلغ دمشق واتصل قتال
(٣١٩)