فتردد الرسل من صلاح الدين ومن شمس الدين البهلوان إلى أهل خلاط وهم يدافعون الفريقين وكان قد بلغه وفاة صاحبها قطب الدين وان برتقش نصب ابنه طفلا صغيرا واستبد عليه فسار صلاح الدين إليها وحاصرها حتى تسلمها على الأمان وأقام مكتمر أميرا بخلاط وطالت مدته وجرت بينه وبين صلاح الدين فتن وحروب إلى أن توفى صلاح الدين سنة تسع وثمانين فأظهر الشماتة به ونسمى عبد العزيز وتلقب سيف الدين وتوفى اثر ذلك والله تعالى أعلم * (وفاة مكتمر وولاية أقسنقر) * كان مكتمر لأول ولايته قد اختص أقسنقر من موالي شاه أرمن وتلقب هزار ديناري وزوجه بنته وجعله أتابكه فأقام على ذلك مدة ثم استوحش من مكتمر وتربص به حتى إذا توفى صلاح الدين تجهز مكتمر من ميافارقين فأمكنته فيه الفرصة فقتله لعشر سنين من ولايته وذلك بعد وفاة صلاح الدين بشهرين واستبد بملك خلاط وأرمينية واعتقل ابن مكتمر وأمه في بعض القلاع والله سبحانه وتعالى أعلم * (وفاة أقسنقر وولاية محمد بن مكتمر) * ثم هلك أقسنقر صاحب خلاط وأرمينية سنة أربع وتسعين لخمس سنين من ملكه وقام بملك خلاط بعده حجر اشتد قطلغ الأرمني ولم يرضه أهل خلاط فوثبوا به لسبعة أيام من ولايته وقتلوه واستدعوا محمد بن مكتمر من محبسه وملكوه ولقبوه الملك المنصور وقام بدولته شجاع الدين قطلغ القفجاقي دوادارشاه أرمن وأقام تحت استبداده إلى سنة ثلاث وستمائة ثم دبر على الدوادار وقبض عليه وكان حسن السيرة فاستوحش لذلك الجند والعامة وعكف بعد نكبة الدوادار على لذاته فاجتمع أهل خلاط والجند وكبيرهم بلبان مملوك شاه أرمن وكتبوا إلى ارتق بن أبي الغازي بن ألبى صاحب ماردين يستدعونه للملك بما كان ابن أخت شاه أرمن وجاهر بلبان بالعصيان إلى ملازكرد واجتمع الجند عليه * (نكبة ابن مكتمر واستيلاء بلبان على خلاط وأعمالها) * ولما ملك بلبان مدينة ملازكرد وأعمالها واجتمع عليه الجند وسار يريد خلاط ووصل ارتق بن أبي الغازي صاحب ماردين لموعدهم ونزل قريبا من خلاط فبعث إليه بلبان أن الجند والرعية اتهموني فيك فارجع وإذا ملكت البلد سلمته إليك فتنحى قليلا فبعث إليه يتوعده على مقالته وبطئه فعاد إلى ماردين وكان الأشرف موسى بن العادل
(١٨٠)