من داره لحرب ما عاش وأجابه السلطان وأذن له في الركوب وحمل الغاشية وفارق المسترشد بعض الموكلين به فهجم عليه جماعة من الباطنية فألحموه جراحا وقتلوه ومثلوا به جدعا وصلبا وتركوه سليبا في نفر من أصحابه قتلوهم معه وتبع الباطنية فقتلوا وكان ذلك منتصف ذي القعدة سنة ست وعشرين لثمان عشرة سنة من خلافته وكان كاتبا بليغا شجاعا قرما ولما قتل بمراغة كتب السلطان مسعود إلى بك ايه شحنة بغداد بأن يبايع لابنه فبويع ابنه الراشد أبو جعفر منصور بعهده إليه لثمانية أيام من مقتله وحضر بيعته جماعة من أولاد الخلفاء وأبو النجيب الواعظ وأما اقبال خادم المسترشد فلما بلغه خبر الواقعة وكان مقيما ببغداد كما قدمناه عبر إلى الجانب الغربي ولحق بتكريت ونزل على مجاهد الدين بهروز * (فتنة الراشد مع السلطان مسعود) * لما بويع الراشد بعث إليه السلطان مسعود برتقش الزكوي يطالبه بما استقر عليه الصلح مع أبيه المسترشد وهو أربعمائة ألف دينار فأنكر الراشد أن يكون له مال وانما مال الخلافة كان مع المسترشد فنهب ثم جمع الراشد العساكر وقدم عليهم كجراية وشرع في عمارة السور واتفق برتقش مع بك ايه على هجوم دار الخلافة وركبوا لذلك في العساكر فقاتلهم عساكر الراشد والعامة وأخرجوهم عن البلد إلى طريق خراسان وسار بك ايه إلى واسط وبرتقش إلى سرخس ولما علم داود بن محمود فتنة عمه مسعود مع الراشد سار من آذربيجان إلى بغداد في صفر سنة ثلاثين ونزل بدار السلطان ووصل بعده عماد الدين زنكى من الموصل وصدقة بن دبيس من الحلة ومعه عش بن أبي العسكر يدبر أمره ويديره وكان أبوه دبيس قد قتل بعد مقتل المسترشد بآذربيجان وملك هو الحلة ثم وصل جماعة من أمراء مسعود منهم برتقش بازدار صاحب فروق والبقش الكبير صاحب اصبهان وابن برسق وابن الأحمر يلي وخرج للقائهم كجراية والطرنطاي وكان اقبال خادم المسترشد قد قدم من تكريت فقبض عليه الراشد وعلى ناصر الدولة أبى عبد الله الحسن بن جهير فاستوحش أهل الدولة وركب الوزير جلال الدين بن صدقة إلى لقاء عماد الدين زنكى فأقام عنده مستجيرا حتى أصلح حاله مع الراشد واستجار به قاضي القضاة الزينبي ولم يزل معه إلى الموصل وشفع في اقبال فأطلق وسار إليه ثم جد الراشد في عمارة السور وسار الملك داود لقتال مسعود استخلفه الراشد واستخلفه عماد الدين زنكى وقطعت خطبة مسعود من بغداد وولى داود شحنة بغداد برتقش بازدار ثم وصل الخبر بأن سلجوق شاه أخا الأمير مسعود ملك واسط وقبض على الأمير بك ايه فسار الأمير زنكى لدفاعه فصالحه ورجع وعبر إلى طريق خراسان
(٦١)