الأشرف استدعاء المرشحين من مماليكه وهذا الأمير يقدمهم وأفاض فيهم الاحسان واستضافهم لولده الأمير على ولم يكن الا أيام وقد انتقض الجائي القائم بالدولة وركب على السلطان فأحضرهم السلطان الأشرف وأطلق أيديهم في خيوله المقربة وأسلحته المستجادة فاصطفوا منها ما اختاروه وركبوا في مدافعة الجائي وصدقوه القتال حتى دافعوه على الرميلة ثم اتبعوه حتى ألقى نفسه في البحر فكان آخر العهد به واحتلوا بمكان من أثرة السلطان واختصاصه فسوغ لهم الاقطاعات وأطلق لهم الجرايات ولهذا الأمير بين يديه من بينهم مزيد مكانة ورفيع محل إلى أن خرج السلطان الأشرف إلى الحج وكان ما قدمناه من انتقاض قرطاي واستبداده ثم استبداد ايبك من بعده وقد عظم محل هذا الأمير من الدولة ونما عزه وسمت رتبته ثم فسد أمر ايبك وتغلب على الامر جماعة من الأمراء مفترقي الأهواء وخشى العقلاء انتقاض الامر وسوء المغبة فبادر هذا الأمير وتناول الحبل بيده وجعل طرفه في يد بركة رديفه فأمسك معه برهة من الأيام ثم اضطرب وانتقض وصار إلى ما صار إليه من الهلاك واستقل الأمير برقوق بحمل الدولة والعناية الربانية تكفله والسعادة تؤاخيه وكان من جميل الصنع الرباني له أن كيف الله غريبة في اجتماع شمل أبيه به فقدم وفد التجار بأبيه من قاصية بلادهم بعد أن أعملوا الحيلة في استخلاصه وتلطفوا في استخراجه وكان اسمه أنس فاحتفل ابنه الأمير برقوق من مبرته وأركب العساكر وسائر الناس على طبقاتهم لتلقيه واعد الخيام بسرياقوس لنزوله فحضروا هنالك جميعا في ثاني ذي الحجة سنة ثنتين وثمانين وجلس الأمير أنس الوافد صدر المجلس وهم جميعا حفافيه من القضاة والأمراء ونصب السماط فطعم الناس وانتشروا ثم ركبوا إلى البلد وقد زينت الأسواق وأوقدت الشموع وماجت السكك بالنظارة من عالم لا يحصيهم الا خالقهم وكان يوما مشهودا وأنزله بالإصطبل تحت المدينة الناصرية ونظمه السلطان في أقربائه وبنى عمه وبنى إخوانه واجتمع شملهم به وفرض لهم الارزاق وقررهم في الوظائف ثم مات هذا الأب الوافد وهو الأمير أنس رحمه الله في أواسط؟؟ وثمانين بعد أن أوصى بحجة اسلامه وشرفت مراتب الامارة بمقامه ودفنه السلطان بتربة الدوادار يونس ثم نقله إلى المدفن بجوار المدرسة التي أنشأها بين القصرين سنة ثمان وثمانين والله يؤتى الملك من يشاء * (خلع الصالح أمير حاج وجلوس الأمير برقوق على التخت واستبداده بالسلطان) * كان أهل الدولة من البيبقاوية من ولى منهم هذا الأمير برقوق قد طمعوا في الاستبداد وظفروا بلذة الملك والسلطان ورتعوا في ظل الدولة والأمان ثم سمت أحوالهم إلى أن
(٤٧٣)