وشهاب الدين الحارمي وهو خال صلاح الدين وجمع كل لمغالبة صاحبه وكان أهل القصر وخواص الدولة قد تشاوروا فأشار جوهر باخلاء رتبة الوزارة واصطفاء ثلاثة آلاف من عسكر الغز يقودهم قراقوش ويعطى لهم الشرقية اقطاعا ينزلون بها حشدا دون الإفرنج؟؟ من يستبد على الخليفة بل يقيم واسطة بينه وبين الناس على العادة وأشار آخرون بإقامة صلاح الدين مقام عمه والناس تبع له ومال القاضي لذلك حياء من صلاح الدين وجنوحا إلى صغر سنه وأنه لا يتوهم فيه من الاستبداد ما يتوهم في غيره من أصحابه وأنهم في سعة من رأيهم مع ولايته فاستدعاه وخلع عليه ولقبه الملك الناصر واختلف عليه أصحابه فلم يطيعوه وكان عيسى الهكاري شيعة له واستمالهم إليه الا الياروقى فإنه امتنع وعاد إلى نور الدين بالشأم وثبتت قدم صلاح الدين في مصر وكان نائبا عن نور الدين ونور الدين يكاتبه بالأمير الاسفهسار ويجمعه في الخطاب مع كافة الأمراء بالديار المصرية وما زال صلاح الدين يحسن المباشرة ويستميل الناس ويفيض العطاء حتى غلب على أفئدة الناس وضعف أمر العاضد ثم أرسل يطلب اخوته وأهله من نور الدين فبعث بهم إليه من الشأم واستقامت أموره واطردت سعادته والله تعالى ولى التوفيق * (واقعة السودان بمصر) * كان بقصر العاضد خصى حاكم على أهل القصر يدعى مؤتمن الخلافة فلما غص أهل الدولة بوزارة صلاح الدين داخل جماعة منهم وكاتب الإفرنج يستدعيهم ليبرز صلاح الدين لمدافعتهم فيثوروا بمخلفه ثم يتبعونه وقد ناشب الإفرنج فيأتون عليه وبعثوا الكتاب مع ذي طمرين حمله في؟؟ نعاله فاعترضه بعض التركمان واستلبه ورأوا النعال جديدة فاسترابوا بها فجاؤوا به إلى صلاح الدين فقرأ الكتاب ودخل على كاتبه فأخبره بحقيقة الامر فطوى ذلك وانتظر مؤتمن الخلافة حتى خرج إلى بعض قراه متنزها وبعث من جاء برأسه ومنع الخصيين بالقصر عن ولاية أموره وقدم عليهم بهاء الدين قراقوش خصيا أبيض من خدمه وجعل إليه جميع الأمور بالقصر وامتعض السودان بمصر لمؤتمن الخلافة واجتمعوا لحرب صلاح الدين وبلغوا خمسة آلاف وناجزوا عسكره من القصر في ذي القعدة من السنة وبعث إلى محلتهم بالمنصورة من أحرقها على أهليهم وأولادهم فلما سمعوا بذلك انهزموا وأخذهم السيف في السكك فاستأمنوا وعبروا إلى الجيزة فسار إليهم شمس الدولة أخوه صلاح الدين في طائفة من العسكر فاستلحمهم وأبادهم والله أعلم * (منازلة الإفرنج دمياط وفتح إيلة) *
(٢٨٣)