عليه بحمص ودخلوا جميعا بلاد الإفرنج ومروا بحصن الأكراد واكتسحوا نواحيه ثم حاصروا عرقة وخربوا جكة وفتحوا العريمة وصافيتا وبعثوا سراياهم فعاثت في البلاد ورجعوا إلى حمص فأقاموا بها إلى رمضان وانتقلوا إلى بانياس وقصدوا حصن حموص فهرب عنه الإفرنج فهدم نور الدين سوره وأحرقه واعتزم على بيروت فرجع عنه أخوه قطب الدين إلى الموصل وأعطاه نور الدين من عمله الرقة على الفرات ثم انتقض بمدينة منبج غازي بن حسان وبعث إليها العساكر فملكها عنوة وأقطعها أخاه قطب الدين نيال بن حسان وبقيت بيده إلى أن أخذها منه صلاح الدين بن أيوب ثم قبض بنو كلاب على شهاب الدين ملك بن علي بن مالك العقيلي صاحب قلعة جعبر وكانت تسمى دوس ثم سميت باسم جعبر بانيها وكان السلطان ملك شاه أعطاها لجده عندما ملك حلب كما مر في أخباره ولم تزل بيده ويد عقبه إلى أن هلك هذا فخرج يتصيد سنة ثلاث وستين وقد أرصد له بنو كلاب فأسروه وحملوه إلى نور الدين محمود صاحب دمشق فاعتقله مكرما وحاوله في النزول عن جعبر بالترغيب تارة وبالترهيب أخرى فأبى وبعث بالعساكر مع الأمير فخر الدين محمود بن أبي على الزعفراني وحاصرها مدة فامتنعت فبعث عسكرا آخر وقدم على الجميع الأمير فخر الدين أبا بكر ابن الداية رضيعه وأكبر أمرائه فحاصرها فامتنعت ورجع إلى ملاطفة صاحبها فأجاب وعوضه نور الدين عنها سروج وأعمالها وساحة حلب ومراغة وعشرين ألف دينار وملك قلعة جعبر سنة أربع وستين وانقرض أمر بني مالك منها والبقاء لله وحده * (رحلة زين الدين نائب الموصل إلى أربل واستبداد قطب الدين بملكه) * قد كان تقدم لنا أن نصير الدين جقرى كان نائب الأتابك زنكى بالموصل وقتل البارسلان ابن السلطان محمود آخر سنة تسع وثلاثين وخمسمائة طمعا في الملك لغيبة الأتابك فرجع من غيبته في حصار البيرة وقدم مكانه زين الدين علي بن كمستكين بقلعة الموصل فلم يزل بها بقية أيام الأتابك وأيام ابنه غازي وابنه الآخر قطب الدين سنة ثمان وخمسين على وزيرهم جمال الدين محمد بن علي بن منصور الأصبهاني فاعتقله وهلك لسنة من الاعتقال وحمل إلى المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم فدفن بها في رباط هناك أعده لذلك وكانت وفاته أيام سيف الدين غازي بن قطب الدين فولى مكانه جلال الدين أبا الحسن ابنه وكان زين الدين علي بن كمستكين ويعرف بكچك قد استبد في دولة قطب الدين واستغل بحكم الدولة وصارت بيده أكثر البلاد اقطاع مثل أربل وشهرزور والقلاع التي في تلك البلاد الهكارية منها العمادية وغيرها والحميدية وتكريت وسنجار وقد كان نقل أهله وولده وذخائره إلى أربل وأقام بمحل
(٢٤٨)