وايبك البدري وكان شيطان من المتمردة قد أوحى إلى قرطاي بأنه يكون صاحب الدولة بمصر فكان يتشوف لذلك ويترصد له وربما وقع بينه وبين وزير الدولة منازعة في جراية مماليك مكفوله ولى العهد وعلوفاتهم أغلظ له فيها الوزير فوجم وأخذ في أسباب الانتقاض وداخل في ذلك بعض أصحابه وواعدهم ثالث ذي القعدة وتقدم إلى داية ولى العهد ليلة ذلك اليوم بأن يصلح من شأنه ويفرغ عليه ملابس السلطان ويهيئه لجلوس التخت وركب هو صبيحة ذلك اليوم ووقف بالرميلة عند مصلى العيد وتناول قطعة من ثوب فنصبها لواء وكان صبيان المدينة قد شرعوا في اتخاذ الدبادب والطبيلات للعيد فأمر بتناول بعضها منهم وقرعت بين يديه وتسايل الناس إليه من كل أوب ونزل من كان بطباق القصر وغرفه وبالقاهرة من المماليك واجتمعوا إليه حتى كظ ذلك الفضاء وجاؤا تعادى بهم الخيل فاستغلظ لفيفهم ثم اقتحم القلعة في جمعه من باب الإصطبل إلى بيت مكفوله ولى العهد أمير على عند باب الستارة يطلبونه وقبضوا على زمام الذود وكانوا عدة حتى أحضروا ولى العهد وجاؤا به على الأكتاف إلى الإيوان فأجلسوه على التخت وأحضروا أيدمر نائب القلعة فبايع له ثم أنزلوه إلى باب الإصطبل وأجلسوه هناك على الكرسي واستدعى الأمراء القائمين بالقاهرة فبايعوه وحبس بعضهم بالقلعة وبعث اكتمر الحلي إلى الصعيد يستكشف أحواله واختص منهم ايبك فجعله رديفا في دولته وباتوا كذلك وأصبحوا يسائلون الركبان ويستكشفون خبر السلطان وكان السلطان لما انهزم من العقبة سار ليلتين وجاء إلى البركة آخر الثانية وجاءه الخبر بواقعة القاهرة وما فعله قرطاي وتشاوروا فأشار محمد بن عيسى بقصد الشأم وأشار آخرون بالوصول إلى القاهرة وسار السلطان إليها واستمروا إلى قبة النصر وتهافتوا عن رواحلهم بالطلاح وقد أنهكهم التعب وأضناهم السير فما هو إلا أن وقعوا لمناكبهم وجنوبهم وغشيهم النعاس وجاء الناصري إلى السلطان الأشرف من بينهم فتنصح له بأن يتسلل من أصحابه ويتسرب في بعض البيوت بالقاهرة حتى يتبين له وجه مذهبه وانطلق بين يديه فقصد بعض النساء ممن كان ينتاب قصده واختفى فظن النجاة في ذلك وفارقه الناصري يطلب نفقا في الأرض وقد كانوا بعثوا من قبة النصر بعض المماليك عنهم روائد يستوضحون الخبر فأصبحوا بالرميلة أمام القلعة وتعرف الناس أنه من الحاج فرفعوه إلى صاحب الدولة وعرض عليه العذاب حتى أخبره عن السلطان وأنه وأصحابه بقبة النصر مصرعين من غشى النوم فطار إليهم شراد العسكر مع استدمر السرغتمشى والجمهور في ساقتهم حتى وقفوا عليهم في مضاجعهم وافتقدوا السلطان من بينهم وقتلوهم جميعا وجاؤا برؤوسهم
(٤٦٤)