الدولة منقسمة بينهما وتصاريفها تجرى بساستهما إلى أن كان ما نذكره والله تعالى ولى التوفيق * (استقدام منجك للنيابة) * كان أمير على المارداني قد توفى سنة ثنتين وسبعين وبقيت وظيفته خلو المكان الجائي اليوسفي وأحكامه ولما هلك سنة خمس وسبعين ولى السلطان اقطمر عبد الغنى نائبا ثم بدا له أن يولى في النيابة منجك اليوسفي لما رآه فيه من الأهلية لذلك والقيام به ولتقلبه في الامارة منذ عهد الناصر حسن وأنه كان من مواليه أخا لبيبقاروس وطاز وسرغتمش فهو بقية المناجب فلما وقع نظره عليه بعث في استقدامه بيبقا الناصري من أمراء دولته وولى مكانه بندمر الخوارزمي وأعاد عشقتمر إلى حلب مكانه ووصل منجك إلى مصر آخر سنة خمس وسبعين ومعه مماليكه وحاشيته وصهر روس المحمدي فاحتفل السلطان في تكرمته وأمر أهل الدولة بالركوب لتلقيه فتلقاه الأمراء والعساكر وأرباب الوظائف من القضاة والفقهاء والدواوين وأذن له في الدخول من باب السر راكبا وخاصة السلطان مشاة بين يديه حتى نزل عند مقاعد الطواشية بباب القصر حيث يجلس مقدم المماليك ثم استدعى إلى السلطان فدخل وأقبل عليه السلطان وشافهه بالنيابة المطلقة وفوض إليه الولاية والعزل في سائر المراتب السلطانية من الوزراء والخواص والقضاة والأوقاف وغيرها وخلع عليه وخرج ثم قرر تقليده بذلك في الإيوان ثاني يوم وصوله فكان يوما مشهودا وولى الأشرف في ذلك اليوم بيبقا الناصري الذي قدم به حاجبا ثم سافر عشقتمر نائب حلب آخر سنة ست وسبعين بعدها بالعساكر إلى بلاد الأرمن ففتح سائر أعمالها واستولى على ملكها التكفور بالأمان فوصل بأهله وولده إلى الأبواب السلطانية ورتب لهم الارزاق وولى السلطان على سيس وانقرض منها ملك الأرمن وتوفى منجك آخر هذه السنة فولى السلطان أقتمر الصاجى المعروف بالحلي ثم عزله ورفع مجلسه وولى مكانه أقتمر الالقنى ثم توفى جبار بن مهنا أمير العرب بالشأم فولى السلطان ابنه يعبرا مكانه ثم توفى أمير مكة من بنى حسن فولى الأشرف مكانه واستقرت الأمور على ذلك والله أعلم * (الخبر عن مماليك بيبقا وترشيحهم في الدولة) * كان السلطان الأشرف بعد أن سطا بمماليك بيبقا تلك السطوة وقسمهم بين القتل والنفي وأسكنهم السجون وأذهب أثرهم من الدولة بالجملة أرجع جملة منهم بعد ذلك وعاتبه سنكلى ابغا في شأنهم وأن في اتلافهم قص جناح الدولة وانهم ناشئة من الجند
(٤٦١)