وسار إلى دمشق بعد أن بث السرايا في كل ناحية ونهب كل ما مر به وامتلأت الأيدي من الغنائم وعاد إلى دمشق مظفرا والله تعالى أعلم * (حصار صلاح الدين الموصل) * ثم سار صلاح الدين من دمشق إلى الجزيرة في ذي القعدة من سنة ثمان وعبر الفرات وكان مظفر الدين كوكبرى على كچك يستحثه للمسير إلى الموصل في كل وقت وربما وعده بخمسين وألف دينار إذا وصل فلما وصل إلى حران لم يف له فقبض عليه ثم خشى معيرة أهل الجزيرة فأطلقه وأعاد عليهم حران والرها وسار في ربيع الأول ولقيه نور الدين صاحب كيفا ومعز الدين سنجار شاه صاحب جزيرة ابن عمر وقد انحرف عن عمه عز الدين صاحب الموصل بعد نكبة مجاهد الدين نائبه وساروا كلهم مع صلاح الدين إلى الموصل وانتهوا إلى مدينة بلد فلقيه هنالك أم عز الدين وابنة عمه نور الدين وجماعة من أهل بيته يسألونه الصلح ظنا بأنه لا يردهن وسيما بنت نور الدين واستشار صلاح الدين أصحابه فأشار الفقيه عيسى وعلي بن أحمد المشطوب بردهن وساروا إلى الموصل وقاتلوها واستمات أهلها وامتعضوا لرد النساء فامتنعت عليهم وعاد على أصحابه باللوم في إشارتهم وجاء زين الدين يوسف صاحب أربل وأخوه مظفر الدين كوكبرى فأنزلهما بالجانب الشرقي وبعث علي بن أحمد المشطوب الهكاري إلى قلعة الجزيرة ليحاصرها فاجتمع عليه الأكراد الهكارية إلى أن عاد صلاح الدين عن الموصل وبلغ عز الدين أن نائبه بالقلعة زلقندار يكاتب صلاح الدين فمنعه منها وانحرف عنه إلى الاقتداء برأى مجاهد الدين وتصدر عنه ثم بلغه خبر وفاة شاهرين صاحب خلاط فطمع صلاح الدين في ملكها وانه يستعين بها على أموره ثم جاءته كتب أهلها يستدعونه فسار عن الموصل إليها وكان أهل خلاط انما كاتبوه مكر الآن شمس الدين البهلوان ابن ايلدكز صاحب آذربيجان وهمذان قصده تملكهم بعدان كان زوج ابنته من شاهرين على كبره وجعل ذلك ذريعة إلى ملك خلاط فلما سار إليهم كاتبوا صلاح الدين ودافعوا كلا منهما بالآخر فسار صلاح الدين وفي مقدمته ناصر الدين محمد بن شيركوه ومظفر الدين صاحب أربل وغيرهما وتقدموا إلى خلاط وتقدم صاحب آذربيجان فنزل قريبا من خلاط وترددت رسل أهل خلاط بينه وبين البهلوان ثم خطبوا للبهلوان والله تعالى ينصر من يشاء من عباده * (استيلاء صلاح الدين على ميافارقين) * ولما خطب أهل خلاط للبهلوان وصلاح الدين على ميافارقين وكانت لقطب الدين
(٣٠٣)