[أخبار الأرمن وغزو بلادهم وادعاؤهم الصلح ثم مقتل ملكهم صاحب سيس على يد التتر] قد كان تقدم لنا ذكر هؤلاء الأرمن وانهم وإخوتهم الكرج من ولد قمويل بن ناحور ابن آزر وناحور أخو إبراهيم عليه السلام وكانوا أخذوا بدين النصرانية قبل الملة وكانت مواطنهم أرمينية وهي منسوبة إليهم وقاعدتها خلاط وهي كرسي ملكهم ويسمى ملكهم التكفور ثم ملك المسلمون بلادهم وضربوا الجزية على من بقي منهم واختلف عليهم الولاة ونزلت بهم الفتن وخربت خلاط فانتقل ملكهم إلى سيس عند الدروب المجاورة لحلب وانزووا إليها وكانوا يؤدون الضريبة للمسلمين وكان ملكهم لعهد نور الدين العادل قليج بن اليون وهو صاحب ملك الدروب واستخدم للعادل وأقطع له وملك المصيصة وأردن وطرسوس من يد الروم وأبقاه صلاح الدين بعد العادل نور الدين على ما كان عليه من الخدمة وغدر في بعض السنين بالتركمان فغزاهم صلاح الدين وأخنى عليهم حتى أذعنوا ورجع إلى حاله من أداء الجزية والطاعة وحسن الجوار بثغور حلب ثم ملكهم لعهد الظاهر هيثوم بن قسطنطين بن يأنس ويظهر أنه من أعقاب قليج أو من أهل بيته ولما ملك هلاكو العراق والشأم دخل هيثوم في طاعته وأقره على سلطانه وأجلب مع التتر في غزواتهم على الشأم وغزا سنة ثنتين وستين صاحب بلاد الروم من التتر واستنفر معه بنى كلاب من اعراب حلب وعاثوا في نواحي عنتاب ثم ترهب هيثوم بن قسطنطين ونصب ابنه ليعون للملك وبعث الظاهر العساكر سنة أربع وستين ومعه قلاون المنصور صاحب حماة إلى بلادهم فلقيهم ليعون في جموعه قبل الدربند فانهزم وأسر وحرب العساكر مدينة سيس وبذل هيثوم الأموال والقلاع في فداء ابنه ليعون فشرط عليه الظاهر أن يستوهب سنقر الأشقر وأصحابه من ابغا بن هلاكو وكان هلاكو أخذهم من سجن حلب فاستوهبهم وبعث بهم وأعطى خمسا من القلاع منها رغبان ومرزبان لما توفى هيثوم سنة تسع وستين وملك بعده ابنه ليعون وبقي الملك في عقبه وكان بينهم وبين الترك نفرة واستقامة لقرب جوارهم من حلب والترك يرددون العساكر إلى بلادهم حتى أجابوا بالصلح على الطاعة والجزية وشحنة التتر مقيم عندهم بالعساكر من قبل شحنة بلاد الروم ولما توفى ليعون ملك بعده ابنه هيثوم ووثب عليه أخوه سنباط فخلعه وحبسه بعد أن سمل عينه الواحدة وقتل أخاهما الأصغر يروس ونازلت عساكر الترك لعهده قلعة حموض من قبل العادل كيبغا فاستضعف الأرمن سنباط وهموا به فلحق بالقسطنطينية وقدموا عليهم أخاه رندين فصالح المسلمين وأعطاهم مرعش وجميع القلاع على جيحان وجعلوهم تخما ورجعت العساكر عنهم
(٤١٩)