ولما رحل الأفضل والظاهر إلى بلادهم تجهز العادل إلى مصر وأغراه موالي صلاح الدين بذلك واستحلفوه على أن يكون ابن العزيز ملكا وهو كافله وبلغت الاخبار بذلك إلى الأفضل وهو في بلبيس فسار منها ولقيهم فانهزم لسبع خلون من ربيع الآخر سنة ست وتسعين ودخل القاهرة ليلا وحضر الصلاة على القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني توفى تلك الليلة وسار العادل لحصار القاهرة وتخاذل أصحاب الأفضل عنه فأرسل إلى عمه في الصلح وتسليم الديار المصرية له على أن يعوضه دمشق أو بلاد الجزيرة وهي حران والرها وسروج فلم يجبه وعوضه ميافارقين وجبال نور وتحالفوا على ذلك وخرج الأفضل من القاهرة ثامن عشر ربيع واجتمع بالعادل وسار إلى بلده صرخد ودخل العادل القاهرة من يومه ولما وصل الأفضل صرخد بعث من يتسلم البلاد التي عوضه العادل وكان بها ابنه نجم الدين أيوب فامتنع من تسليم ميافارقين وسلم ما عداها وردد الأفضل رسله في ذلك إلى العادل فزعم أن ابنه عصاه فعلم الأفضل أنه أمره واستفحل العادل في مصر وقطع خطبة المنصور بن العزيز وخطب لنفسه واعترض الجند ومحصهم بالمحو والاثبات فاستوحشوا لذلك وبعث العادل فخر الدين جهاركس مقدم موالي صلاح الدين في عسكر إلى بانياس ليحاصرها ويملكها لنفسه ففصل من مصر للشأم في جماعة الموالى الصلاحية وكان بها الأمير بشارة من أمراء الترك ارتاب العادل بطاعته فبعث العساكر إليه مع جهاركس والله تعالى أعلم * (مسير الظاهر والأفضل إلى حصار دمشق) * ولما قطع العادل خطبة المنصور بن العزيز بمصر استوحش الأمراء لذلك ولما كان منه في اعتراض الجند فراسلوا الظاهر بحلب والأفضل بصرخد ان يحاصرا دمشق فيسير إليهما الملك العادل فيتأخرون عنه بمصر ويقومون بدعوتهما ونمى الخبر إلى العادل وكتب به إليه الأمير عز الدين أسامة جاء من الحج ومر بصرخد فلقيه الأفضل ودعاه إلى أمرهم وأطلعه على ما عنده فكتب به إلى العادل وأرسل العادل إلى ابنه المعظم عيسى بدمشق يأمره بحصار الأفضل بصرخد وكتب إلى جهاركس بمكانه من حصار بانياس والى ميمون القصرى صاحب نابلس بالمسير معه إلى صرخد ففر منها الأفضل إلى أخيه الظاهر بحلب فوجده يتجهز لأنه بعث أميرا من أمرائه إلى العادل فرده من طريقه فسار إلى منبج فملكها ثم قلعة نجم كذلك وذلك سلخ رجب من سنة سبع وتسعين وسار المعظم بقصد صرخد وانتهى إلى بصرى وبعث عن جهاركس والذين معه على بانياس فغالطوه ولم يجيبوه فعاد إلى دمشق وبعث إليهم الأمير أسامة يستحثهم فأغلظوا له في القول وتناوله البكاء منهم وثاروا به جميعا فتذمم لميمون القصرى منهم فأمنه وعاد إلى
(٣٣٧)