أعمال حلب فسار إليهم وأكمن لهم في الغياض حتى نال منهم وفتك فيهم وبعث إلى صلاح الدين بمائتي أسير منهم وقارن ذلك وصول شمس الدولة توران شاه بن أيوب من اليمن فبلغه أن جمعا من الإفرنج أغاروا على أعمال دمشق فسار إليهم ولقيهم بالمروج فلم يثبت وهزموه وأسر سيف الدين أبو بكر بن السلار من أعيان الجند بدمشق وتجاسر الإفرنج على تلك الولاية ثم اعتزم صلاح الدين على غزو بلاد الإفرنج فبعثوا في الهدنة وأجابهم إليها وعقد لهم والله تعالى ولى التوفيق * (هزيمة صلاح الدين بالرملة أمام الإفرنج) * ثم سار صلاح الدين من مصر في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين إلى ساحل الشأم لغزو بلاد الإفرنج وانتهى إلى عسقلان فاكتسح أعمالها ولم يروا للإفرنج خبرا فانساحوا في البلاد وانقلبوا إلى الرملة فما راعهم الا الإفرنج مقبلين في جموعهم وأبطالهم وقد افترق أصحاب صلاح الدين في السرايا فثبت في موقفه واشتد القتال وأبلى يومئذ محمد ابن أخيه في المدافعة عنه وقتل من أصحابه جماعة وكان لتقى الدين بن شاه ابن اسمه أحمد متكامل الخلال لم يطر شاربه فأبلى يومئذ واستشهد وتمت الهزيمة على المسلمين وكان بعض الإفرنج تخلصوا إلى صلاح الدين فقتل بين يديه وعاد منهزما واسر الفقيه عيسى الهكاري بعدان أبلى يومئذ بلاء شديدا وسار صلاح الدين حتى غشيه الليل ثم دخل البرية في فل قليل إلى مصر ولحقهم الجهد والعطش ودخل إلى القاهرة منتصف جمادى الأخيرة قال ابن الأثير ورأيت كتابه إلى أخيه توران شاه بدمشق يذكر الواقعة ذكرتك والخطى يخطر بيننا * وقد فتكت فينا المثقفة السمر ومن فصوله لقد أشرفنا على الهلاك غير مرة وما نجانا الله سبحانه منه الا لامر يريده وما ثبتت الا وفى نفسها أمر انتهى وأما السرايا التي دخلت بلاد الإفرنج فتقسمهم القتل والأسر وأما الفقيه عيسى الهكاري فلما ولى منهزما ومعه أخوه الظهير ضل عن الطريق ومعهما جماعة من أصحابهما فأسروا وفداه صلاح الدين بعد ذلك بستين ألف دينار والله تعالى أعلم * (حصار الإفرنج مدينة حماة) * ثم وصل جمادى الأولى إلى ساحل الشأم زعيم من طواغيت الإفرنج وقارن وصوله هزيمة صلاح الدين وعاد إلى دمشق يومئذ توران شاه بن أيوب في قلة من العسكر وهو مع ذلك منهمك في لذاته فسار ذلك الزعيم بعد أن جمع فرنج الشأم وبذل لهم العطاء فحاصر مدينة حماة وبها شهاب الدين محمود الحارمي خال صلاح الدين مريضا وشد
(٢٩٢)