وأوصى لولده الأصغر عماد الدين بقلعة عقر الحميدية وقلعة شوش وولايتها ولفته إلى العقر فلما توفى نور الدين بايع الناس ابنه عز الدين مسعودا ولقبوه القاهر واستقر ملك الموصل وأعمالها له وقام بدر الدين لؤلؤ بتدبير دولته والبقاء لله وحده * (وفاة القاهر وولاية ابنه نور الدين أرسلان شاه في كفالة بدر الدين لؤلؤ) لما توفى الملك القاهر عز الدين مسعود بن أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن الأتابك زنكى صاحب الموصل آخر ربيع الأول سنة خمس عشرة وخمسمائة لثمان سنين من ولايته بعد أن عهد بالملك لابنه الأكبر نور الدين أرسلان شاه وعمره عشرون سنة وجعل الوصي عليه والمدبر لدولته لؤلؤا كما كان في دولة القاهر وابنه نور الدين فبايع له وقام بملكه وأرسل إلى الخليفة في التقليد والخلع على العادة فوصلت وبعث إلى الملوك في الأطراف في تجديد العهد كما كان بينهم وبين سلفه وضبط أموره وكان عمه نور الدين زنكى أرسلان شاه بقلعة عقر الحميدية لا يشك في مصير السلطان له فدفعه عن ذلك واستقامت أموره وأحسن السيرة وسمع شكوى المتظلمين وأنصفهم ووصل في تقليد الخليفة لنور الدين اسناد الترفي أموره لبدر الدين لؤلؤ والله أعلم * (استيلاء عماد الدين صاحب عقر على قلاع الهكارية والزوزان) * كان عماد الدين زنكى قد ولاه أبوه قلعتي العقر والشوش قريبا من الموصل وأوصى له بهما وعهد بالملك لابنه الأكبر القاهر فلما توفى القاهر كما ذكرنا طمح زنكى إلى الملك وكان يحدث به نفسه فلم يحصل له وكان بالعمادية نائب من موالي جده مسعود فداخله في الطاعة له وشعر بذلك بدر الدين لؤلؤ فعزل ذلك النائب وبعث إليها أميرا أنزله بها وجعل فيها نائبا من قبله واستبد بالنواب في غيرها وكان نور الدين بن القاهر لا يزال عليلا لضعف مزاجه وتوالى الأمراض عليه فبقي محتجبا طول المدة فأرسل زنكى إلى نور الدين بالعمادية يشيع موته ويقول أنا أحق بملك سلفي فتوهموا صدقه وقبضوا على نائب لؤلؤ ومن معه وسلموا البلد لعماد الدين زنكى منتصف رمضان سنة خمس عشرة وجهز لؤلؤ العساكر وحاصروه بالعمادية في فصل الشتاء وكلب البرد وتراكم الثلج ولم يتمكنوا من قتاله وظاهره مظفر الدين صاحب أربل على شأنه وذكر لؤلؤا بالعهد الذي بينهما أن لا يتعرض لاعمال الموصل والنص فيها على قلاع الهكارية والزوزان وانه مظاهر لهم على من يتعرض لها فلج مظاهرته واعتمد نقض العهد وأقام العسكر محاصر الزنكى بالعمادية وتقدموا بعض الليالي وركبوا الأوعار إليه فبرز إليهم أهل العمادية وهزموهم في المضايق والشعاب فعادوا إلى الموصل وراسل عماد الدين
(٢٦٩)