الصلح وانعقد بينهم في شعبان من السنة ورجع العادل إلى دمشق وسار منها إلى ماردين كما يأتي خبره والله تعالى أعلم * (وفاة طغتكين بن أيوب باليمن وملك ابنه إسماعيل ثم سليمان بن تقى الدين شاهنشاه) * قد كان تقدم لنا أن سيف الاسلام طغتكين بن أيوب سار إلى المدينة سنة ثمان وسبعين بعد وفاة أخيه شمس الدولة توران شاه واختلاف نوابه باليمن واستولى عليها ونزل زبيد وأقام بها إلى أن توفى في شوال سنة ثلاث وتسعين وكان سيئ السبرة كثير الظلم للرعية جماعا للأموال ولما استفحل بها أراد الاستيلاء على مكة فبعث الخليفة الناصر إلى أخيه صلاح الدين يمنعه من ذلك فمنعه ولما توفى ملك مكانه ابنه إسماعيل وبلغ المعز وكان أهوج فانتسب في بني أمية وادعى الخلافة وتلقب بالهادي ولبس الخضرة وبعث إليه عمه العادل بالملامة والتوبيخ فلم يقبل وأساء السيرة في رعيته وأهل دولته فوثبوا به وقتلوه وتولى ذلك سيف الدين سنقر مولى أبيه ونصب أخاه الناصر سنة ثمان وتسعين فأقام بأمره ثم هلك سنقر لأربع سنين من دولته وقام مكانه غازي بن جبريل من أمرائهم وتزوج أم الناصر ثم قتل الناصر مسموما وثأر العرب منه بغازي المذكور وبقي أهل اليمن فوضى واستولى على طغان وبلاد حضرموت محمد بن محمد الحميري واستبدت أم الناصر وملكت زبيد وبعثت في طلب أحد من بنى أيوب تملكه على اليمن وكان للمظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه وقيل لابنه سعد الدين شاهنشاه ابن اسمه سليمان ترهب ولبس المسوح ولقيه بالموسم بعض غلمانها وجاءته فتزوجته وملكته اليمن والله سبحانه وتعالى أعلم * (مسير العادل إلى الجزيرة وحصاره ماردين) * كان نور الدين أرسلان شاه مسعود صاحب الموصل قد وقع بينه وبين قطب الدين محمد ابن عمه عماد الدين زنكى صاحب نصيبين والخابور والرقة وبين أبيه عماد الدين قبله فتنة بسبب الحدود في تخوم أعمالهم فسار نور الدين إليه في عساكره وملك منه نصيبين ولحق قطب الدين بحران والرها إيالة العادل بن أيوب وبعث إليه بالصريخ وهو بدمشق وبذل له الأموال في انجاده فسار العادل إلى حران وارتحل نور الدين من نصيبين إلى الموصل وسار قطب الدين إليها فملكها وسار العادل إلى ماردين في رمضان من السنة فحاصرها وكان صاحبها حسام الدين بولو أرسلان بن أبي الغازي بن ألبا بن تمرتاش أبى الغازي بن ارتق وهو صبى وكافله مولى النظام برتقش مولى أبيه والحكم له ودام حصاره عليها وملك الربض وقطع الميرة عنها ثم رحل عنها في العام القابل
(٣٣٤)