الوفاء بالعهد من شاور بما عاهد عليه نور الدين فنكث شاور العهد وبعث إليه بالرجوع إلى بلده فلج في طلب ضريبته ورحل إلى بلبيس والبلاد الشرقية فاستولى عليها واستمد شاور عليه بالإفرنج فبادروا إلى ذلك لما كان في نفوسهم من تخوف غائلته وطمعوا في ملك مصر وسار نور الدين من دمشق ليأخذ بحجزتهم على المسير فلم يثنهم ذلك وتركوا ببلادهم حامية فلما قاربوا مصر فارقها أسد الدين واجتمع الإفرنج وعساكر مصر فحاصروه ثلاثة أشهر يغاديهم القتال ويراوحهم وجاءهم الخبر بهزيمة الإفرنج على حارم وما هيأ الله لنور الدين في ذلك فراسلوا أسد الدين شيركوه في الصلح وطووا عنه الخبر فصالحهم وخرج ولحق بالشأم ووضع له الإفرنج المراصد بالطريق فعدل عنها ثم أعاده نور الدين إلى مصر سنة ثنتين وستين فسار بالعساكر في ربيع ونزل اطفيح وعبر النيل وجاء إلى القاهرة من جانبها الغربي ونزل الجيزة في عدوة النيل وحاصرها خمسين يوما واستمد شاور بالإفرنج وعبر إلى أسد الدين فتأخر إلى الصعيد ولقيهم منتصف السنة فهزمهم وسار إلى ثغر الإسكندرية فملكها وولى عليها صلاح الدين ابن أخيه ورجع فدوخ بلاد الصعيد وسارت عساكر مصر والإفرنج إلى الإسكندرية وحاصروا بها صلاح الدين فسار إليه أسد الدين فتلقوه بطلب الصلح فتم ذلك بينهم وعاد إلى الشأم وترك لهم الإسكندرية وكاتب شجاع بن شاور نور الدين بالطاعة عنه وعن طائفة من الأمراء ثم استطال الإفرنج على أهل مصر وفرضوا عليهم الجزية وأنزلوا بالقاهرة الشحنة وتسلموا أبوابها واستدعوا ملكهم بالشأم إلى الاستيلاء عليها فبادر نور الدين وأعاد أسد الدين في العساكر إليها في ربيع سنة أربع وستين فملكها وقتل شاور وطرد الإفرنج عنها وقدمه العاضد لوزارته والاستبداد عليه كما كان من قبله ثم هلك أسد الدين وقام صلاح الدين ابن أخيه مكانه وهو مع ذلك في طاعة نور الدين محمود وهلك العاضد فكتب نور الدين إلى صلاح الدين يأمره بإقامة الدعوة العباسية بمصر والخطبة للمستضئ ويقال انه كتب له بذلك في حياة العاضد وبين يدي وفاته وهلك لخمسين يوما أو نحوها فخطب للمستضئ العباسي وانقرضت الدولة العلوية بمصر وذلك سنة سبع وستين كما نأتي على شرحه وتفصيله في دولة بني أيوب ان شاء الله تعالى ووقعت خلال ذلك فتنة بين نور الدين محمود وبين صاحب الروم قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان سنة ستين وخمسمائة وكتب الصالح بن زربك إلى قليج أرسلان ينهاه عن الفتنة الله تعالى ولى التوفيق * (فتح نور الدين صافيتا وعريمة ومنبج وجعبر) * ثم جمع نور الدين عساكره سنة ثنتين وستين واستدعى أخاه قطب الدين من الموصل فقدم
(٢٤٧)