وعز الدين محمد بن بدر الحميدي وغيرهما واستمالهم ففارقوا الأشرف ونازلوا دبيس تحت ماردين ليجتمعوا مع ملوك الأطراف لمدافعة الأشرف واستمال الأشرف صاحب آمد وأعطاه مدينة حالي وجبل جودي ووعده بدارا إذا ملكها فأجاب وفارقهم إليه واضطر آخرون منهم إلى طاعة الأشرف فانحل أمرهم وانفرد ابن المشطوب بمشاقة الأشرف فقصد أربل ومر بنصيبين فقاتله شيخ بها فانهزم إلى سنجار فأسره صاحبها وكان هواه مع الأشرف ولؤلؤ فصده ابن المشطوب عن رأيه فيهم حتى أجمع خلافه وأطلقه فجمع المفسدين وقصد البقعا من أعمال الموصل فاكتسح نواحيها وعاد ثم سار من سنجار ثانية إلى الموصل وأرصد له لؤلؤ عسكرا فاعترضوه فهزمه واجتاز بتل اعفر من أعمال صاحب سنجار فأقاموا عليها وبعثوا إلى لؤلؤ فسار وحاصرها وملكها في ربيع سنة سبع عشرة وستمائة وأسر ابن المشطوب وجاء به إلى الموصل ثم بعث به إلى الأشرف فحبسه بحران سنين وهلك في محبسه ولما أطاع صاحب آمد الأشرف رحل من حران إلى ماردين ونزل دبيس وحاصر ماردين ومعه صاحب آمد وترددت الرسل بينه وبين صاحب ماردين على أن يرد عليه رأس عين وكان الأشرف قد أقطعها له على أن يحمل إليه ثلاثين ألف دينار وأن يعطى لصاحب آمد الورزني بلد وانعقد الصلح بينهما وارتحل الأشرف من دبيس إلى نصيبين يريد الموصل فلقيه رسل صاحب سنجار يطلب من يتسلمها منه على أن يعوضه الأشرف منها بالرقة بما أدركه من الخوف عند استيلاء لؤلؤ على تل اعفر ونفرة أهل دولته عنه لقتله أخاه كما ذكرناه فأجابه الأشرف وأعطاه الرقة وملك سنجار في جمادى سنة سبع عشرة وستمائة ورحل عنها بأهله وعشيرته وانقرض أمر بنى زنكى منها بعد أربع وتسعين سنة والبقاء لله وحده * (صلح الأشرف مع مظفر الدين) * ولما ملك الأشرف سنجار سار إلى الموصل ووافاه بها رسل الخليفة الناصر ومظفر الدين صاحب أربل في الصلح ورد القلاع المأخوذة من إيالة الموصل على صاحبها لؤلؤ ما عدى العمادية فتبقى بيد زنكي وتردد الحديت في ذلك شهرين ولم يتم فرحل الأشرف بقصد أربل حتى قارب نهر الزاب وكان العسكر قد ضجروا سوء صاحب آمد مع مظفر الدين فأشار يا جايئه إلى ما سأل ووافق على ذلك أصحاب الأشرف فانعقد الصلح وساق زنكى إلى الأشرف رهينه على ذلك وسلمت قلعة العقر وشوش لنواب الأشرف وهما لزنكي رهنا أيضا وعاد الأشرف إلى سنجار في رمضان سنة سبع عشرة وبعثوا إلى القلاع فلم يسلمها جندها وامتنعوا بها واستجار عماد الدين زنكى بشهاب بن العادل فاستعطف له أخاه الأشرف فأطلقه ورد عليه قلعتي العقر وشوش وصرف نوابه عنهما وسمع لؤلؤ
(٢٧٢)