* (هدية إفريقية) * كان السلطان قد حصل بينه وبين سلطان إفريقية أبى العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن أبي حفص الموحدي مودة والتئام وكانت كثيرا ما تجددها الهدايا من الجانبين ونذكرها ان شاء الله تعالى ولما بلغ الخبر إلى تونس بما كان نكبة السلطان وما كان من أمره امتعض له هذا السلطان بتونس وتفجع لشأنه وأقام يستطلع خبره ويستكشف من الجار التي تحضر إلى مصر من أهل تونس أنباءه حتى وقف على الجلي من أمره وما كيف الله من أسباب السعادة في خلاصه وعوده إلى كرسيه فملا السرور جوانحه وأوفد عليه بالتهنئة رسوله بهدية من المقربات على سبيل الوداد مع خالصة من كبراء الموحدين محمد بن علي بن أبي هلال فوصل في العشر الأواخر من رمضان سنة ثنتين وتسعين فتلقاه السلطان بالكرامة وركب محمود أستاذ داره ليتلقاه عند نزوله من البحر بساحل بولاق وأنزل ببيت طشتمر بالرميلة قبالة الإصطبل وأجريت عليه النفقة بما لم يجر لأمثاله ورغب من السلطان في الحج فحج وأصحب هدية إلى مرسله من ثياب الوشى والديباج والسلاح بما لم يعهده مثلها وانصرف آخر ربيع سنة ثلاث وتسعين والله تعالى أعلم بغيبه * (حصار منطاش دمشق ومسير السلطان من مصر إليه وفراره ومقتل الناصري) * لم يزل منطاش شريدا عند التركمان منذ فارق العرب ولما كان منتصف سنة ثلاث وتسعين اعتزم على قصد دمشق ويقال ان ذلك كان باغراء الناصري يخادعه بذلك ليقبض عليه فسار منطاش من مرعش على نواحي حلب وتقدم خبره إلى حماة فهرب نائبها إلى طرابلس ودخل منطاش حماة ونادى فيها بالأمان ثم سار منها إلى حمص كذلك ثم إلى بعلبك وهرب نائبها إلى دمشق فخرج الناصري نائب دمشق في العساكر لمدافعته وسار على طريق الريداني فخالفه منطاش إلى دمشق وقدم إليها أحمد شكار بن أبي بندمر فثار شيعة الخوارزمية والبندمرية وفتحوا له أبواب البلد ومر بإصطبلات فقاد منها نحوا من ثمانمائة فرس وجاء منطاش من الغد على أثره فنزل بالقصر الأبلق وأنزل الأمراء الذين معه في البيوت حوالي القصر وفي جامع شكن وجامع بيبقا وشرع في مصادرة الناس والفريضة عليهم وأقام يومه في ذلك وإذا بالناصري قد وصل في عساكره فاقتتلوا عشية ذلك اليوم مرات ومن الغد كذلك وأقام كل واحد منهما في حومته والقتال متصل بينهما سائر رجب وشعبان ولما بلغ الخبر إلى السلطان ارتاب بالناصري واتهمه بالمداهنة في أمر
(٥٠١)