شاء من عباده * (ايقاع الظاهر بالتتر في بلاد الروم ومقتل البرواناة بمداخلته في ذلك) * كان علاء الدين البرواناة متغلبا على غياث الدين كنجسر وصاحب بلاد الروم من بنى قليج أرسلان وقد غلب التتر على جميع ممالك بلاد الروم وأبقوا على كنجسر واسم الملك في كفالة البرواناة وأقاموا أميرا من أمرائهم ومعه عسكر التتر حامية بالبلاد ويسمونه بالشحنة وكان أول أمير من التتر ببلاد الروم بيكو وهو الذي افتتحها وبعده صمغان وبعده توقو ووتدوان شريكين في أمرهما لعهد الملك الظاهر وكان البرواناة يتأفف من التتر لاستطالتهم عليه وسوء ملكهم ولما استفحل أمر الظاهر بمصر والشأم أمل البرواناة الظهور على التتر والكرة لبنى قليج أرسلان بممالاة الظاهر فداخله في ذلك وكاتبه وزحف ابغا ملك التتر إلى البيرة سنة أربع وسبعين وخرج الظاهر بالعساكر من دمشق وكاتبه البرواناة يستدعيه وأقام الظاهر على حمص وأرسل إليه البرواناة يستحثه للقاء التتر وعزم ابغا على البرواناة في الوصول فاعتذر ثم رحل متثاقلا وكتب إليه الأمراء بعده بأن الظاهر قد نهض إلى بلاد الروم بوصيته إليه بذلك فبعث إلى ابغا واستمده فأمده بعساكر المغل وأمره بالرجوع لمدافعة الظاهر فرجع ووجد جماعة من الأمراء قد كاتبوا الظاهر واستحثوه للقدوم فسقط في أيديهم وحيل بينهم وبين مرامهم ورجع إلى مصر في رجب من السنة وأقام بها حولا ثم توقو ووتدوان أمير التتر ببلاد الروم وسار إلى الثغور بالشأم وبلغ السلطان خبرهما فسار من مصر في رمضان سنة خمس وسبعين وقصد بلاد الروم وانتهى إلى النهر الأزرق فبعث شمس الدين سنقر الأشقر فلقى مقدمة التتر فهزمهم ورجع إلى السلطان وساروا جميعا فلقوا التتر على البلنشين ومعهم علاء الدين البرواناة في عساكره فهزمهم وقتل الأمير توقو ووتدوان وفر البرواناة وسلطانه كنجسر ولما كان منفردا عنهم وأسر كثير من المغل منهم سلار ابن طغرل ومنهم قفجاق وحاورصى وأسر علاء الدين بن معين الدين البرواناة وقتل كثير منهم ثم رحل السلطان إلى قيسارية فملكها وأقام عليها ينتظر البرواناة لموعد كان بينهما وأبطأ عليه وقفل راجعا ورجع خبر الهزيمة إلى ابغا ملك التتر واطلع من بعض عيونه على ما كان بين البرواناة والظاهر من المداخلة فتنكر للبرواناة وجاء لوقته حتى وقف على موضع المعركة وارتاب لكثرة القتلى من المغل وان عسكر الروم لم يصب منهم أحد فرجع على بلادهم بالقتل والتخريب والاكتساح وامتنع كثير من القلاع ثم أمنهم ورجع وسار معه البرواناة وهم بقتله أولا ثم رجع لتخليته لحفظ البلاد فأعول
(٣٩٢)