وفارقه كثير من أصحابه منهم زنكى بن أقسنقر فنزل جاولى تل ناشر وتزاحف مع سكرى هنالك واشتد القتال واستمر أصحاب أنطاكية فتخاذل أصحاب جاولى وانهزموا وذهب الإفرنج بسوادهم فجاء القمص وجوسكين إلى تل ناشر والله تعالى أعلم * (حروب الإفرنج مع طغركين) * كان طغركين قد سار إلى طبرية سنة ثنتين وخمسمائة فسار إليه ابن أخت بقدوين ملك القدس واقتتلوا فانكشف المسلمون ثم استماتوا وهزموا الإفرنج وأسروا ابن أخت الملك فقتله طغركين بيده بعد أن فادى نفسه بثلاثين ألف دينار وخمسمائة أمير فلم يقبل منه الا الاسلام أو القتل ثم اصطلح طغركين وبقدوين لمدة أربع سنين وكان حصن غربة من أعمال طرابلس بيد مولى ابن عمار فعصى عليه وانقطعت عنه الميرة بعبث الإفرنج في نواحيه فأرسل إلى طغركين بطاعته فبعث إسرائيل من أصحابه ليتملك الحصن ونزل منه مولى ابن عمار فرماه إسرائيل في الزحام بسهم فقتله حذرا أن يطلع الأتابك على مخلفه وقصد طغركين الحصن لمشارفة أحواله فمنعه نزول الثلج حتى إذا نقشع وانجلى سار في أربعة آلاف فارس وفتح حصونا للإفرنج منها حصن الأكمة وكان السرداني من الإفرنج يحاصر طرابلس فسار للقائه فلما أشرف عليه انهزم طغركين وأصحابه إلى حمص وملك السرداني حصن غربة بالأمان ووصل طغركين إلى دمشق فبعث إليه بقدوين من القدس بالبقاء على الصلح وذلك في شعبان سنة اثنين * (استيلاء الإفرنج على طرابلس وبيروت وصيدا وجبيل وباقياس) * ولما عادت طرابلس إلى صاحب مصر من يد ابن عمار وولى عليها نائبه والإفرنج يحاصرونها وزعيمهم السرداني ابن أخت صنجيل فلما كانت سنة ثلاث وخمسمائة في شعبان ووصل القمص والد صنجيل وليس صنجيل الأول وانما هو قمص آخر بمراكب عديدة مشحونة بالرجال والسلاح والميرة وجرت بينه وبين السرداني فتنة واقتتلوا وجاء سكرى صاحب أنطاكية مددا للسرداني ثم جاء بقدوين ملك لقدس وأصلح بينهم وحاصروا طرابلس ونصبوا عليها الأبراج فاشتد بهم الحصار وعدموا القوت لتأخر الأسطول المصري بالميرة ثم زحفوا إلى قتالها بالأبراج وملكوها عنوة ثاني الأضحى واستباحوها وأثخنوا فيها وكان النائب بها قد استأمن إلى الإفرنج قبل ذلك بليال وملكها بالأمان ونزل على مدينة جبيل وبها فخر الملك بن عمار فاستأمنوا لي سكرى وملكها ولحق ابن عمار بشيرز فنزل على صاحبها سلطان بن علي بن منقذ الكقانى ولحق منها بدمشق فأكرمه طغركين وأقطعه الزبداني من أعمال دمشق
(١٩٢)