سكته ومرض صلاح الدين أثناء ذلك ووصل إلى حران ولحقته الرسل بالإجابة إلى الصلح وتحالفا عليه وبعث من يسلم البلاد وأقام ممرضا بحران وعنده أخوه العادل وناصر الدولة ابن عمه شيركوه وامنت بلاد الموصل ثم حدثت بعد ذلك فتنة بين التركمان والا كراد بالجزيرة والموصل وديار بكر وخلاط والشأم وشهرزور وآذربيجان وقتل فيها ما لا يحصى من الأمم واتصلت أعواما وسببها أن عروسا من التركمان أهديت إلى زوجها ومروا بقلعة الزوزان والأكراد وطلبوا منهم الوليمة على عادة الفتيان فأغلظوا في الرد فقتل صاحب القلعة الزوج وثار التركمان بجماعة من الأكراد فقتلوهم ثم أصلح مجاهد الدين بينهم وأفاض فيهم العطاء فعادوا إلى الوفاق وذهبت بينهم الفتنة والله تعالى أعلم * (وفاة نور الدين يوسف صاحب أربل وولاية أخيه مظفر الدين اقتهى) * كان زين الدين يوسف بن علي كجك قد صار في طاعة صلاح الدين كما ذكرناه قبل وأربل من أعماله ووقع الصلح على ذلك بينه وبين عز الدين صاحب الموصل سنة ست وثمانين للعسكر معه فمات عنده أخريات رمضان من السنة واستولى أخوه على بوجوده وقبض على جماعة من أمرائه مثل بلداحى صاحب قلعة حقبير كان وغيره وطلب من صلاح الدين أن يقطعه أربل مكان أخيه وينزل عن حران والرها فأقطعه أربل وأضاف إليها شهرزور وأعمالها ودوقبر قرابلى وبنى قفجاق وراسل أهل أربل مجاهد الدين قايمان واستدعوه ليملكوه وهو بالموصل فلم يتطاول لذلك خوفا من صلاح الدين ولان عز الدين لما كان ولاه نيابته بعد أن أطلقه من الاعتقال لم يمكنه كما كان أول مرة وجعل معه رديفا في الحكم كان من بعض غلمانه فكان أسفا لذلك فلما راسله أهل أربل قال والله لا أفعل لئلا يحكم معي فيها فلان وسار مظفر الدين إليها وملكها * (حصار عز الدين صاحب الموصل جزيرة ابن عمر) * كان سنجر شاه بن سيف الدين غازي بن مودود قد ملك جزيرة ابن عمر بوصية أبيه وخرج عن طاعة عمه عز الدين عند نكبة مجاهد الدين كما قلناه وصار عينا على عمه يكاتب صلاح الدين بأخباره ويغريه به ويسعى في القطيعة بينهما ثم حاصر صلاح الدين قلعة عكا سنة ست وثمانين واستنفر لها أصحاب الأطراف المتشبثين بدعوته مثل عز الدين صاحب الموصل وأخيه عماد الدين صاحب سنجار ونصيبين وسنجار شاه هذا ابن عمه وصاحب كيفا وغيرهم واجتمعوا عنده على عكا وجاء جماعة من جزيرة ابن عمر يتظلمون من سنجر شاه فخاف واستأذن في الانطلاق فاعتذر صلاح الدين بأن في ذلك افتراق
(٢٦٣)