صلاح الدين ولما بلغه خبر وفاته سار إلى مصر واستخلف على دمشق عز الدين فرخشاه ابن شاهنشاه وكان سيف الدين مبارك بن كامل بن منقذ الكناني نائبه بزبيد قد تغلب في ولايته وتحكم في الأموال فنزع إلى وطنه واستأذن شمس الدولة قبل موته فأذن له في المجئ واستأذن أخاه عطاف بن زبيد وأقام مع شمس الدولة حتى إذا مات بقي في خدمة صلاح الدين وكان محشدا فسعى فيه عنده أنه احتجر أموال اليمن ولم يعرض له فتحيل أعداؤه عليه وكان ينزل بالعدوية قرب مصر فصنع في بعض الأيام صنيعا دعى إليه أعيان الدولة واختلف مواليه وخدامه إلى مصر في شراء حاجتهم فتحيلوا لصلاح الدين انه هارب إلى اليمن فتمت حيلتهم فقبض عليه ثم ضاق عليه الحال وصابره على ثمانين ألف دينار مصرية سوى ما أعطى لأهل الدولة فأطلقه وأعاده إلى منزلته فلما بلغ شمس الدين إلى اليمن اختلف نوابه بها حطان بن منقذ وعثمان بن الزنجبيلي وخشى صلاح الدين أن تخرج اليمن عن طاعته فجهز جماعة من أمرائه إلى اليمن مع صارم الدين قطلغ أبيه والى مصر من أمرائه فساروا لذلك سنة سبع وسبعين واستولى قطلغ أبيه على زبيد من حطان بن منقذ ثم مات قريبا فعاد حطان إلى زبيد وأطاعه الناس وقوى على عثمان الزنجبيلي فكتب عثمان إلى صلاح الدين أن يبعث بعض قرابته فجهز صلاح الدين أخاه سيف الاسلام طغركين فسار إلى اليمن وخرج حطان بن منقذ من زبيد وتحصن في بعض القلاع ونزل سيف الاسلام زبيد وبعث إلى حطان بالأمان فنزل إليه وأولاه الاحسان ثم طلب اللحاق بالشأم فمنعه ثم ألح عليه فأذن له حتى إذا خرج واحتمل رواحله وجاء ليودعه قبض عليه واستولى على ما معه ثم حبسه في بعض القلاع فكان آخر العهد به ويقال كان فيما أخذه سبعون حملا من الذهب ولما سمع عثمان الزنجيلي خبر حطان خشى على نفسه وحمل أمواله في البحر ولحق بالشام وبقيت مراكبه مراكب لسيف الاسلام فاستولى عليها ولم يخلص الا بما كان معه في طريقه وصفا اليمن لسيف الاسلام والله تعالى أعلم [دخول قلعة البيرة في إيالة صلاح الدين وغزوه الإفرنج وفتح بعض حصونهم مثل السقيف والغرر وبيروت] كانت قلعة البيرة من قلاع العراق لشهاب الدين بن ارتق وهو ابن عم قطب الدين أبى الغازي بن ارتق صاحب ماردين وكان في طاعة نور الدين محمود بن زنكى صاحب الشأم ثم مات وملك البيرة بعده ابنه ومات نور الدين فسار إلى طاعة عز الدين مسعود صاحب الموصل ثم وقع بين صاحب ماردين وصاحب الموصل من المخالصة والاتفاق ما وقع وطلب من عز الدين أن يأذن له في أخذ البيرة فأذن له فسار قطب الدين في عسكره
(٢٩٦)