الكامل قبالتهم والله تعالى ينصر من يشاء من عباده * (وفاة المنصوب صاحب حماة وولاية ابنه الناصر) * قد تقدم لنا أن صلاح الدين كان قد أقطع تقى الدين عمر ابن أخيه شاهنشاه مدينة حماة وأعمالها ثم بعثه إلى الجزيرة سنة سبع وثمانين فملك حران والرها وسروج وميافارقين وما إليها من بلاد الجزيرة فأقطعه إياها صلاح الدين ثم سار إلى بلاد أرمينية بكتمر صاحب خلاط وحاصرها ثم انتقل إلى حصار ملازكرد وهلك عليها تلك السنة وتولى ابنه ناصر الدين محمد ويلقب المنصور على أعماله ثم انتزع صلاح الدين منه بلاد الجزيرة وأقطعها أخاه العادل وأبقى حماة وأعمالها بيد ناصر الدين محمد المذكور فلم تزل بيده إلى أن توفى سنة سبع عشرة وستمائة لثمان وعشرين سنة من ولايته عليها بعد مهلك عم أبيه صلاح الدين والعادل وكان ابنه ولى عهده المظفر عند العادل بمصر وابنه الآخر قليج أرسلان عند خاله المعظم عيسى بمكانه من حصاره فاستدعاه أهل دولته بحماة واشترط المعظم عليه ما لا يحمله وأطلقه إليهم فملك حماة وتلقب الناصر وجاءه أخوه ولى العهد من مصر فدافعه أهل حماة فرجع إلى دمشق عند المعظم وكاتبهم واستمالهم فلم يجيبوه ورجع إلى مصر والله تعالى أعلم * (مسير صاحب بلاد الروم إلى حلب وانهزامه ودخولها في طاعة الأشرف) * قد كنا قدمنا وفاة الظاهر غازي بن صلاح الدين صاحب حلب ومنبج سنة ثلاث عشرة وولاية ابنه الأصغر محمد العزيز غياث الدين في كفالة طغرل الخادم مولى أبيه الظاهر وان شهاب الدين هذا الكامل أحسن السيرة وأفاض العدل وعف عن أموال الرعية ورد السعاية فيهم بعضهم على بعض وكان بحلب رجلان من الأشرار يكثران السعاية عند الظاهر ويغريانه بالناس ولقى الناس منهما شدة فأبعدهما شهاب الدين فيمن أبعد من أهل الشر ورد عليهما السعاية فكسدت سوقهما وتناولهما الناس بالألسنة والوعيد فلحقا ببلاد الروم وأطمعا صاحبها كيكاوس في ملك حلب وما بعدها ثم رأى أن ذلك لا يتم إلا أن يكون معه بعض بنى أيوب لينقاد أهل البلاد إليه وكان الأفضل بن صلاح الدين بسميساط وقد دخل في طاعة كيكاوس غضبا من أخيه الظاهر وعمه العادل بما انتزعا من أعماله فاستدعاه كيكاوس وطلبه في المسير على أن يكون ما يفتحه من حلب وأعمالها للأفضل والخطبة والسكة لكيكاوس ثم يقصدون بلاد الأشرف بالجزيرة حران والرها وما إليهما على هذا لحكم وتحالفوا على ذلك وجمعوا العساكر وساروا سنة خمس عشرة فملكوا قلعة رعبان فتسلمها الأفضل ثم قلعة باشر من صاحبها
(٣٤٦)