في محرم سنة أربع ووصل أسطول مصر بالميرة بعد أخذ طرابلس بثمانية أيام فارسي بساحل صور وفرقت الغلال في جهاتها في صور وصيدا وبيروت ثم استولى الإفرنج على صيدا في ربيع الآخر سنة أربع وخمسمائة وذلك أنه وصل أسطول للإفرنج من ستين مركبا مشحونة بالرجال والذخائر وبها ملوكهم بقصد الحج والعزو فاجتمع مع القدوين صاحب القدس ونازلوا صيدا برا وبحرا وأسطول مصر يعجز عن انجادهم ثم زحفوا إلى الصور في أبراج الخشب المصفحة فضعفت نفوسهم أن يصيبهم مثل ما أصاب أهل بيروت فاستأمنوا فأمنهم الإفرنج في جمادى الأولى ولحقوا بدمشق بعد سبعة وأربعين يوما من الحصار وأقام بالبلد خلق كثير تحت الأمان وعاد بقدوين إلى القدس * (استيلاء أهل مصر على عسقلان) * كانت عسقلان لخلفا العلوية بمصر وقد ذكرنا حروب الإفرنج مع عساكرهم عليها وآخر من استشهد منهم جمال الملك نائبها كما مر آنفا وولى عليها شمس الخلافة فراسل بقدوين ملك القدس وهاداه ليمتنع به من الخليفة بمصر وبعث الأفضل بن أمير الجيوش العساكر إليه سنة أربع وخمسمائة مع قائد من قوادهم موريا بالغزو وأسر إليه بالقبض على شمس الخلافة والولاية مكانه بعسقلان وشعر شمس الخلافة بذلك فجاهر بالعصيان فحشى أن يملكها الإفرنج فراسله وأقره على عمله وعزل شمس الخلافة جند عسقلان واستنجد جماعة من الأرمن فاستوحش منه أهل البلد ووثبوا به فقتلوه وبعثوا إلى الأمير الأفضل صاحب مصر المستولي عليها بطاعتهم فجاءهم الوالي من قبله واستقامت أمورهم * (استيلاء الإفرنج على حصن الأقارب وغيره) * ثم جمع سكرى صاحب أنطاكية واحتشد وسار إلى حصن الأقارب على ثلاثة فراسخ من حلب فحاصره وملكه عنوة وأثخن فيهم بالقتل والسبي ثم سار إلى حصن وزدناد ففعل فيه مثل ذلك وهرب أهله منه ومارس على بلديهما ثم سار عسكر من الإفرنج إلى مدينة صيدا فملكوها على الأمان وأشفق المسلمون من استيلاء الإفرنج على الشأم وراسلوهم في الهدنة فامتنعوا الا على الضريبة فصالحهم رضوان صاحب حلب على اثنين وثلاثين ألف دينار وعدة من الخيول والثياب وصاحب صور على سبعة آلاف دينار وابن منقذ صاحب شيرز على أربعة آلاف دينار وعلى الكردي صاحب حماة على ألفى دينار ومدة الهدنة إلى حصاد الشعير ثم اعترضت مراكب الإفرنج مراكب
(١٩٣)