الشمسي نائب دمشق إلى مصر يطلبه فقدم نائبا بحلب مكان سيف الدين برجى وأذن له في الاستكثار من العساكر وجعلت رتبته فوق نائب دمشق وولى مكانه بدمشق اقطمر عبد العزيز انتهى والله تعالى أعلم * (ثورة المماليك بيبقا ومقتله واستبداد استدمر) * كان طنبقا قد طال استبداده على السلطان وثقلت وطأته على الأمراء وأهل الدولة وخصوصا على مماليكه وكان قد استكثر من المماليك وأرهف حده لهم في التأديب وتجاوز الضرب فيهم بالعصا إلى جدع الأنوف واصطلام الآذان ضمائرهم لذلك وطووا على الغش وكان كبير خواصه استدمر واقتفان الأحمدي ووقع في بعض الأيام بمثل هذه العقوبة في أخي استدمر فاستوحش له وارتاب وداخل سائر الأمراء في الثورة يرون فيها نجاتهم منهم وخلصوا النجوى مع السلطان فيه واقتضوا منه الاذن وسرح السلطان بيبقا إلى البحيرة في عام ثمان وسبعين وانعقد هؤلاء المماليك المتفاوضون في الثورة بمنزل الطرانة وبيتوا له فيها ونمى إليه خبرهم ورأى العلامات التي قد أعطيها من أمرهم فركب مكرا في بعض خواصه وخاض النيل إلى القاهرة؟؟ وتقدم إلى نواتية البحر أن يرسوا سفنهم عند العدوة الشرقية ويمنعوا العبور كل من يرومه من العدوة الغربية وخالفه استدمر واقتفان إلى السلطان في ليلتهم وبايعوه على مقاطعة بيبقا ونكبته ولما وصل بيبقا إلى القاهرة جمع من كان بها من الأمراء والحجاب من مماليكه وغيرهم وكان بها ايبك البدري أمير ماخورية فاجتمعوا عليه وكان يقتمر النظامي وأرغون ططن بالعباسية سار حين فاجتمعوا إليه فخلع الأشرف ونصب أخاه أتوك ولقبه المنصور وأحضر الخليفة فولاه واستعد للحرب وضرب مخيمه بالجزيرة الوسطى على عدوة البحر ولحق به من كانت له معه طاغية من الأمراء الذين مع السلطان بصحابة أو أمر أو ولاية مثل بيبقا العلائي الدوادار ويونس الرمام وكمشيقا الحموي وخليل بن قوصون ويعقوب شاه وقرابقا البدري وابتغا الجوهري ووصل السلطان الأشرف من الطرانة صبيحة ذلك اليوم على التعبية قاصدا دار ملكه وانتهى إلى عدوة البحر فوجدها مقفرة من السفن فخيم هنالك وأقام ثلاثا وبيبقا وأصحابه قبالتهم بالجزيرة الوسطى ينضحونهم بالنبل ويرسلون عليهم الحجارة من المجانيق وصواعق الأنفاط وعوالم النظارة في السفن إلى أن تتوسط فيركبونها ويحركونها بالمجاذيف إلى ناحية السلطان حتى كملت منها عدة وأكثرها من القربان التي أنشأها بيبقا وأجاز فيها السلطان وأصحابه إلى جزيرية الفيل وسار على التعبية وقد ملأت عساكره وتابعه بسبط الأرض وتراكم القتام بالجو وغشيت سحابه موكب بيبقا
(٤٥٦)