برأيه ورجع إلى المغرب والله أعلم * (حصار الإفرنج أسد الدين شيركوه في بلبيس) * كان أسد الدين شيركوه بن شادي عم صلاح الدين قد بعثه نور الدين العادل سنة تسع وخمسمائة منجد الشاور وزير العاضد صاحب مصر على قريعه الضرغام كما سيأتي في أخبارهم ان شاء الله تعالى وسار نور الدين من دمشق في عساكره إلى بلاد الإفرنج ليشغلهم عن أسد الدين شيركوه وخرج ناصر الدين أخو الضرغام في عساكر مصر فهزمه أسد الدين على تنيس واتبعه إلى القاهرة ونزلها منتصف السنة وأعاد شاور إلى الوزارة ونقض ما بينه وبين أسد الدين وتأخر إلى تنيس وخشى منه ودس إلى الإفرنج يغريهم به وبذل لهم المال فطمعوا بذلك في ملك الديار المصرية وسار ملك القدس في عساكر الإفرنج واجتمعت معه عساكر المسلمين وساروا إلى أسد الدين فحاصروه في بلبيس ثلاثة ولم يظفروا منه بشئ ثم جاءهم الخبر بأن نور الدين العادل هزم أصحابهم على خارد وفتحها ثم سار إلى بانياس فسقط في أيديهم وطلبوا الصلح من أسد الدين ليعودوا إلى بلادهم لذلك وخرج من بلبيس سائرا إلى الشأم ثم عاد إلى مصر سنة ثنتين وستين وعبر النيل من اطفيح ونزل الجزيرة واستمد شاور الإفرنج فساروا إليه بجموعهم وكان أسد الدين قد سار إلى الصعيد وانتهى إلى فسار الإفرنج والعساكر المصرية في اثره فأدركوه منتصف السنة واستشار أصحابه فاتفقوا على القتال وأدركته عساكر الإفرنج ومصر وهو على تعبيته وقد أقام مقامه في القلب راشد حذرا من حملة الإفرنج وانحاز فيمن يثق به من شجعان أصحابه إلى الميمنة فحمل الإفرنج على القلب فهزموهم واتبعوهم وخالفهم أسد الدين إلى من تركوا وراءهم من العساكر فهزمهم وأثخن فيهم ورجع الإفرنج من أثناء القلب فانهزموا وانهزم أصحابهم ولحقوا بمصر ولحق أسد الدين بالإسكندرية فملكها صلحا وأنزل بها صلاح الدين ابن أخيه وحاصرته عساكر الإفرنج ومصر وزحف إليهم عمه أسد الدين من الصعيد فبعثوا إليه في الصلح فأجابهم على خمسين ألف دينار يعطونها إياه ولا يقيم في البلد أحد من الإفرنج ولا يملكون منها شيئا فقبلوا ذلك وعادوا إلى الشأم وملك أهل مصر الإسكندرية واستقر بينهم وبين الإفرنج أن ينزلوا بالقاهرة شحنة وأن يكون أبوابها في غلقها وفتحها بأيديهم وان لهم من خراج مصر مائة ألف دينار في كل سنة ولم ذلك منه وعاد الإفرنج إلى بلادهم بالسواحل الشامية والله تعالى أعلم * (حصار الإفرنج القاهرة) *
(٢٠٧)