[وصول الإفرنج من وراء البحر إلى سواحل الشأم ومسيرهم إلى دمياط وحصارها واستيلاؤهم عليها] كان صاحب رومة أعظم ملوك الإفرنج بالعدوة الشمالية من البحر الرومي وكانوا كلهم يدينون بطاعته وبلغه اختلاف أموال الإفرنج بساحل الشأم وظهور المسلمين عليهم فانتدب إلى امدادهم وجهز إليهم العساكر فامتثلوا أمره من إيالته وتقدم إلى ملوك الإفرنج أن يسيروا بأنفسهم أو يرسلوا العساكر فامتثلوا أمره وتوافت الامداد إلى عكا من سواحل الشأم سنة أربع عشرة وسار العادل من مصر إلى الرملة وبرز الإفرنج من عكا ليصدوه فسار إلى نابلس يسابقهم إلى أطراف البلاد ويدافعهم عنها فسبقوه ونزل هو على بيسان من الأردن وزحف الإفرنج لحربه في شعبان من السنة وكان في خف من العساكر فخام عن لقائهم ورجع إلى دمشق ونزل مرج الصفد واستدعى العساكر ليجمعها وانتهب الفرنج مخلفه في بيسان واكتسحوا ما بينها وبين بانياس ونازلوا بانياس ثلاثا ثم عادوا إلى مرج عكا بعد أن خربوا تلك الأعمال وامتلأت أيديهم من نهبها وسباياها ثم ساروا إلى صور ونهبوا صيدا والشقيف على فرسخين من بانياس وعادوا إلى عكا بعد عيد الفطر ثم حاصروا حصن الطور على جبل قريب من عكا كان العادل اختطها فحاصروها سبعة عشر يوما وقتل عليها بعض ملوكهم فرجعوا عنها وبعث العادل ابنه المعظم عيسى إلى حصن الطور فخربها لئلا يملكها الإفرنج ثم سار الإفرنج من عكا في البحر إلى دمياط وأرسوا بسواحلها في صفر والنيل بينهم وبينها وكان على النيل برج حصين تمر منه إلى سور دمياط سلاسل من حديد محكمة تمنع السفن من البحر الملح أن تصعد في النيل إلى مصر فلما نزل الإفرنج بذلك الساحل خندقوا عليهم وبنوا سورا بينهم وبين الخندق وشرعوا في حصار دمياط واستكثروا من آلات الحصار وبعث العادل إلى ابنه الكامل بمصر أن يخرج في العساكر ويقف قبالتهم ففعل وخرج من مصر في عساكر المسلمين فنزل قريبا من دمياط بالعادلية وألح الإفرنج على قتال ذلك البرج أربعة أشهر حتى ملكوه ووجدوا السبيل إلى دخول النيل ليتمكنوا من النزول على دمياط فبنى الكامل عوض السلاسل جسرا عظيما يمانع الداخلين إلى النيل فقاتلوا عليه قتالا شديدا حتى قطعوه فأمر الكامل بمراكب مملوءة بالحجارة وخرقوها وغرقوها وراء الجسر تمنع المراكب من الدخول إلى النيل فعدل الإفرنج إلى خليج الأزرق وكان النيل يجرى فيه قديما فحفروه فوق الجسر وأجروا فيه الماء إلى البحر وأصعدوا مراكبهم إلى قبالة معسكر المسلمين ليتمكنوا من قتالهم لان دمياط كانت حاجزة بينهم فاقتتلوا معهم
(٣٤٤)