جميعا ففعل الرسول ذلك وأصلح بينهما وعاد صلاح الدين إلى الشأم ونور الدين محمود إلى ديار بكر وطلق ضرة بنت قليج أرسلان للأجل الذي أجله للرسول والله تعالى أعلم * (مسير صلاح الدين إلى بلاد ابن اليون) * كان قليج بن اليون من ملوك الأرض صاحب الدروب المجاورة لحلب وكان نور الدين محمود قد استخدمه وأقطع له في الشأم وكان يعسكر معه وكان جريئا على صاحب القسطنطينية وملك وادقة والمصيصة وطرسوس من يد الروم وكانت بينهما من أجل ذلك حروب ولما توفى نور الدين وانتقضت دولته أقام ابن اليون في بلاده وكان التركمان يحتاجون إلى رعى مواشيهم بأرضه على حصانتها وصعوبة مضايقها وكان بأذن لهم فيدخلونها وغدر بهم في بعض السنين واستباحهم واستاق مواشيهم وبلغ الخبر إلى صلاح الدين منصرفه من رعيان فقصد بلده ونزل النهر الأسود وبث الغارات في بلادهم واكتسحها وكان لابن اليون حصن وفيه ذخيرته فخشى عليه فقصد تخريبه وسابقه إليه صلاح الدين فغنم ما فيه وبعث إليه ابن اليون برد ما أخذ من التركمان واطلاق أسراهم على الصلح والرجوع عنه فأجابه إلى ذلك وعاد عنه في منتصف سنة خمس وسبعين والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده * (غزوة صلاح الدين إلى الكرك) * كان البرنس ارناط صاحب الكرك من مردة الإفرنج وشياطينهم وهو الذي اختط مدينة الكرك وقلعتها ولم تكن هنالك واعتزم على غزو المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام وسمع عز الدين فرخشاه بذلك وهو بدمشق فجمع وسار إلى الكرك سنة سبع وسبعين واكتسح نواحيه وأقام ليشغله عن ذلك الغرض حتى انقطع أمله وعاد إلى الكرك فعاد فرخشاه إلى دمشق والله تعالى أعلم بغيبه * (مسير سيف الاسلام طغركين بن أيوب إلى اليمن واليا عليها) * قد كان تقدم لنا فتح شمس الدولة توران شاه لليمن واستيلاؤه عليه سنة ثمان وستين وأنه ولى على زبيد مبارك بن كامل بن منقذ من أمراء شيزر وعلى عدن عز الدولة عثمان الزنجيلي واختط مدينة تعز في بلاد اليمن واتخذها كرسيا لملكه ثم عاد إلى أخيه سنة اثنتين وسبعين وأدركه منصرفا من حصار حلب فولاه على دمشق وسار إلى مصر ثم ولاه أخوه صلاح الدين بعد ذلك مدينة الإسكندرية وأقطعه إياها مضافة إلى أعمال اليمن وكانت الأموال تحمل إليه من زبيد وعدن وسائر ولايات اليمن ومع ذلك فكان عليه دين قريب من مائتي ألف دينار مصرية وتوفى سنة ست وسبعين فقضاها عنه
(٢٩٥)